غامضا في النّاس فلم يشر إليه بالأصابع. فكان رزقه كفافا، فصبر عليه فعجّلت به المنيّة، فقلّ تراثه و قلّت بواكيه.
(باب تعجيل فعل الخير)
[الحديث الأول]
1- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن النعمان قال: حدّثني حمزة بن حمران قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول: إذا همّ أحدكم بخير فلا يؤخّره فإنّ العبد ربّما صلّى الصلاة أو صام اليوم فيقال له: اعمل ما شئت بعدها فقد غفر [اللّه] لك.
[الحديث الثاني]
2- عنه، عن عليّ بن الحكم، عن أبي جميلة قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام):
افتتحوا نهاركم بخير و أملوا على حفظتكم في أوّله خيرا و في آخره خيرا، يغفر لكم ما بين ذلك إن شاء اللّه.
قوله: (اذا هم أحدكم بخير فلا يؤخره فان العبد ربما صلى الصلاة أو صام اليوم فيقال له اعمل ما شئت بعدها فقد غفر [اللّه] لك)
(1) من اللّه للعبد نفحات فى بعض الاوقات، و للعبد مع اللّه مقام فى بعض الساعات، و للعبادة كمال فى بعض الآنات موجب لرفع الدرجات فلعل زمان قصد الخير و العبادة أحد هذه الاوقات التى يحصل للعابد فيها مزيد قرب و اختصاص لا يضر معهما شيء من موجبات البعد و لا يدفع شرف القرب و مثل هذا الحديث رواه العامة قال القرطبى الامر فى قوله «اعمل ما شئت» أمر اكرام كما فى قوله تعالى «ادْخُلُوهٰا بِسَلٰامٍ آمِنِينَ» و اخبار عن الرجل بأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه و محفوظ فى الآتي، و قال الابى يريد بالامر الاكرام ليس أنه إباحة لان يفعل ما يشاء.
قوله: (افتتحوا نهاركم بخير و أملوا على حفظتكم فى أوله خيرا و فى آخره خيرا يغفر لكم ما بين ذلك ان شاء اللّه)
(2) اذا كان عمل أول كل يوم و آخره خيرا يندر أن لا يكون وسطه خيرا لان المداومة على الخير تورث ملكة مانعة من الشر و من ثم قيل الخير يسرى بعضه الى بعض كالشر. و لو فرض وقوع الشر فى وسطه فهو مغفور له كما قال عز و جل «إِنَّ الْحَسَنٰاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئٰاتِ» لان اللّه تعالى يستحى من العبد أن يقبل أول عمله و آخره و يرد وسطه أو يعذبه به، و أيضا يبعد من كرمه أن يرضى بالعبد أولا و آخرا و يعذبه ببادرة فى الوسط، و أيضا أعمال العبد بالنسبة إليه تعالى كخطاب أحدنا مع بنى نوعه و قد صرحوا بأن الخطاب لا بد أن يكون أوله حسنا و آخره حسنا لان أوله أول ما يقرع السمع و آخره آخر ما يقرع السمع فيستحسنه السمع و يعده حسنا و كذلك الاعمال.