10- عليّ بن إبراهيم، عن عليّ بن محمّد القاساني، عمّن ذكره، عن عبد اللّه ابن القاسم، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: إذا أراد اللّه بعبد خيرا زهّده في الدّنيا و فقّهه في الدّين و بصره عيوبها و من أوتيهنّ فقد اوتي خير الدّنيا و الآخرة، و قال: لم يطلب أحد الحقّ بباب أفضل من الزّهد في الدّنيا و هو ضدّ لما طلب أعداء الحقّ، قلت: جعلت فداك ممّا ذا؟ قال: من الرّغبة فيها، و قال: إلّا من صبّار كريم، فإنّما هي أيّام قلائل، ألا إنّه حرام عليكم أن تجدوا طعم الإيمان حتّى تزهدوا في الدّنيا، قال: و سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول: إذا تخلّى المؤمن من الدّنيا سما و وجد حلاوة حبّ اللّه و كان عند أهل الدّنيا كأنّه قد خولط و إنّما خالط القوم حلاوة حبّ اللّه، فلم يشتغلوا بغيره. قال: و سمعته يقول: إنّ
قوله: (لم يطلب أحد الحق بباب أفضل من الزهد فى الدنيا)
(1) للحق أبواب لا يمكن الوصول إليه الا بالدخول فيها منها الطاعات و ترك المنهيات على أنواعهما و منها الاخلاق الفاضلة و منها ترك الاخلاق الباطلة و الزهد فى الدنيا أعظم هذه الابواب لانه مفتاح لجميعها ثم أشار الى ضده على وجه يفيد أن الزهد يوجب محبة الحق و أنه عبارة عن تطهير القلب من الرغبة فى الدنيا و ميله إليها لا عن ترك الدنيا مع تعلق القلب بها فقال
(و هو ضد لما طلب أعداء الحق)
(2) و قول السائل
(مما ذا)
(3) سؤال عما طلب أعداء الحق و
قوله (ع) (من الرغبة فيها)
(4) بيان للموصول يعنى أن ما طلبه أعداء الحق هو الرغبة فى الدنيا و الميل إليها و هى من أعظم البعد عن الحق و البغض له و المعاندة معه، و الظاهر أن
قوله: (الا من صبار كريم)
(5) أى خير شريف النفس استثناء من الرغبة فيها أى الا أن يكون الرغبة فيها من صبار كريم يطلبها من طرق الحلال و يصبر عن الحرام، و اخراج الحقوق المالية و اعانة الفقراء و ذوى الحاجات فان الرغبة فى هذه الدنيا من الصالحات ثم حث على الزهد و الصبر عليه و نفر عن الدنيا
بقوله: (فانما هى)
(6) أى الدنيا
(أيام قلائل)
(7) و هى أيام العمر و العمر ينقضى حثيثا و ينتهى سريعا الى الآخرة و الصبر على المشاق المنقضية سهل على النفوس العاقلة سيما اذا كان مستلزما للراحة الدائمة ثم أشار الى بعض آثار الزهد و أشرف مقاماته
بقوله: (اذا تخلى المؤمن من الدنيا سما- الخ)
(8) أى اذا تخلى المؤمن من الدنيا بأن قطع تعلقه بها و أخرج حبها عن قلبه ارتفع من حضيض النقص الى أوج الكمال و من مقام الكثرة الى ساحة القدس و الجلال