responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الكافي نویسنده : المازندراني، الملا صالح    جلد : 8  صفحه : 356

الدّنيا لا يزيده فيها و إن حرص، فالمغبون من حرم حظّه من الآخرة.

[الحديث السابع]

7- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى الخثعمي، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: ما أعجب رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) شيء من الدّنيا إلّا أن يكون فيها جائعا خائفا.


عدم وصوله منوط بالتقدير و المشية فما قدر قسما له يأتيه و ان زهد و ما لم يقدر قسما له لا يأتيه و ان حرص، و لا ينافى هذا قوله تعالى «وَ مَنْ كٰانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيٰا نُؤْتِهِ مِنْهٰا وَ مٰا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ» اذ لا دلالة فيه على أن جميع ما أتاه قسم و رزق

(فالمغبون من حرم حظه من الآخرة)

(1) هذا كالنتيجة للسابق و تعريف المبتدأ باللام دل على انحصار الغبن فيه لما عرفت من ان قسم كل أحد يأتيه زهد أو حرص فلا غبن فيه، و انما الغبن فى فقد النصيب فى الآخرة بترك العمل له.

قوله: (ما أعجب رسول اللّه (ص) شيء من الدنيا الا أن يكون جائعا خائفا)

(2) خوفه كان فوق خوف الخائفين و جوعه مشهور و فى كتب الاحاديث مذكور و قد روى أنه لم يشبع من خبز الحنطة ثلاثة أيام متوالية و لا من اللحم قط و انه اهضم أهل الدنيا كشحا و أخمصهم بطنا و انه اذا اشتد جوعه كان يربط حجرا على بطنه و يسميه المشبع و أنه كان يأكل على الارض و يجلس جلسة العبد، و يخصف بيده نعله و يرقع بيده ثوبه و يركب الحمار العارى و يردف خلفه و انه رأى سترا نصبته بعض ازواجه على باب داره فقال لها غيبيه عنى فانه يذكرنى الدنيا و زخارفها فاعرض عن الدنيا بقلبه و أمات ذكرها من نفسه و أحب أن تغيب زينتها من عينه و ما ذلك الا لخسة الدنيا و متاعها فى نظره فليكن لك اسوة حسنة به (ص) و اعلم أن فى الجوع فوائد منها صفاء القلب [1] و تنوره. و كثرة الاكل تظلمه و تميته، و منها رقة


[1] قوله «ان فى الجوع فوائد منها صفاء القلب» اعلم أن النفس الانسانية مع تعلقها بالبدن و اتحادها مع القوى لها مقام شامخ بنفسه غير متعلق و كلما ازداد جهة تعلقها شدة ازداد جهة تجردها ضعفا و كلما نقص جهة تعلقها قوى جهة تجردها، و هذا أمارة كونها شيئا مستقلا بنفسه مجردا عن البدن و لا يمكن أن يعترف أحد بان فى الجوع صفاء القلب الا اذا اعترف بأن القلب أى النفس الناطقة غير البدن و الا كان كمال البدن بالشبع و كمال النفس كذلك و قد مر فى الصفحة 311 استدلال بعضهم على تجرد النفس بوجود الاختيار لها و أنها لو كانت مادية كان جميع أفعالها قهرية اجبارية كضربان القلب و النبض، و قال بعض العلماء أن الادراك من خواص الموجود المجرد لان المادة و الجسم ليس من شأنهما الادراك و ليس انطباع صورة فى جسم مقتضيا لان يحس به و الا لكان كل جسم مدركا للعوارض الحالة فيه فالادراك من عالم آخر غير عالم الماديات الا أن بعض الادراكات يحتاج فيها الى آلة كالسمع و البصر و بعضها لا يحتاج كالعقل و الآلة ليست بمدركة قطعا و انما المدرك من استعمل تلك الآلة و لا ينعدم مستعمل الآلة بفقدان الآلة و ان عجز عما كان يفعله بوساطة الآلة، كما أن الاعمى لا يقل وجوده بفقد البصر و لا الاصم بفقد السمع و لا المغمى عليه بفقد الحواس كلها فقد يعرض الاغماء فيفيق و يدرك انه هو الّذي كان قبل الاغماء مع علومه و ملكاته و ليس موجودا جديدا و ما يدرك بالآلات كل مرة محسوس جديد غير ما ادرك أولا، و أيضا يتبدل الجسم و أجزائه و لا يبقى بعد نحو سبع سنين مما كان شيء مع أن علمه بذاته و بغير ذاته هو الّذي كان و لو كان النفس عين البدن أو معلولا له لم يبق له بعد سبع سنين شيء من معلوماته السابقة فثبت أن الاعضاء آلات و لا يتغير مستعمل الآلة بتبدل الآلة.

و قالوا لو كانت العلوم الكثيرة الحاصلة للانسان خصوصا للعلماء و الحكماء فى الفنون المختلفة حالات و عوارض طارية على دماغهم لتشوشت الصور و تداخلت و امتزجت و ارتفع الامتياز بينها كما أن الاصوات المختلفة لو تواردت على السمع لم يتمايز و اذا تحركت الاشياء المختلفة سريعا مقابل البصر لم يميز البصر بينها مع أن الصور العقلية متمايزة جدا مع اجتماعها دفعة و جميع علوم ابن سينا المكتوبة فى تصانيفه لو كانت حالات عارضة على دماغه و هى مجتمعة لم يكن عالما بشيء فثبت ان العلوم كلها عند النفس و الدماغ آلة تنطبع فيها الصور الجزئية شيئا بعد شيء تمحو صورة و تتجد صورة، و قالوا ان الانفس لادراك الصور الكلية لا يحتاج الى آلة أيضا لانها زمان الشيخوخة لا يضعف ادراكه لها كما يضعف حواسه الالية و أيضا لا يكل بادراك الكليات و لا يعجز عن ادراك ضعيف بعد قوى كما يعجز البصر عن ادراك النور الضعيف أثر القوى لكلاله، و أيضا العقل يدرك ذاته و الحس لا يحس ذاته لان الآلة لا تؤثر فى نفسها و العقل ليس بآلة و يجيء ان شاء اللّه لهذا تتمة. (ش)

نام کتاب : شرح الكافي نویسنده : المازندراني، الملا صالح    جلد : 8  صفحه : 356
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست