قال: قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله): يعذّب اللّه اللّسان بعذاب لا يعذّب به شيئا من الجوارح فيقول: أي ربّ عذّبتني بعذاب لم تعذّب به شيئا، فيقال له: خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الأرض و مغاربها، فسفك بها الدّم الحرام و انتهب بها المال الحرام و انتهك بها الفرج الحرام، و عزّتي [و جلالي] لأعذّبنّك بعذاب لا اعذّب به شيئا من جوارحك.
[الحديث السابع عشر]
17- و بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله): إن كان في شيء شؤم ففي اللّسان.
[الحديث الثامن عشر]
18- عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، جميعا، عن الوشّاء قال: سمعت الرّضا (عليه السلام) يقول: كان الرجل من بني إسرائيل إذا أراد العبادة صمت قبل ذلك عشر سنين.
[الحديث التاسع عشر]
19- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بكر بن صالح، عن الغفاري، عن جعفر بن إبراهيم قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول: قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله): من رأى موضع كلامه من عمله قلّ كلامه إلّا فيما يعنيه.
قوله: (فيقول أى رب عذبتنى بعذاب لم تعذب به شيئا)
(1) من الجوارح أى فيقول اللسان ذلك و لعل الاضافة فى
قوله: (من جوارحك)
(2) للمجاورة و الملابسة أو للاشارة الى أن سائر الجوارح تابعة له و هو رئيسها
(فيقال له خرجت منك كلمة)
(3) سواء كانت تلك الكلمة من باب الفتيا أو غيرها.
قوله: (ان كان فى شيء شؤم ففى اللسان)
(4) الشوم الشر و شيء مشوم أى غير مبارك، و فيه تنبيه على كثرة شومه لان له تعلقا بكل خير و شر فميدان شره أوسع من ميدان شر جميع الجوارح، فمن أطلق عنانه فى ميدانه أورده فى مهاوى الهلاك، و لا شوم أعظم من ذلك
قوله: (صمت قبل ذلك عشر سنين)
(5) أى صمت عما لا ينبغى فى تلك المدة ليصير الصمت ملكة له ثم كان يشتغل بالعبادة و الاجتهاد فيها لتقع العبادة صافية خالية عن المفاسد و فيه تنبيه على ان الصمت اصل عظيم فى العبادة و خلوصها و بقائها و معرفة أحكامها و صيرورتها مرقاة للعابد فى الترقيات الى المقامات العالية.
قوله: (من رأى موضع كلامه من عمله قل كلامه الا فيما يعنيه)
(6) أى يهمه أو يقصده من عنيت به اى اهتممت و اشتغلت به أو من عنيت فلانا أى قصدته، و فيه تنبيه على أن المتكلم ينبغى أن يعد كلامه من عمله و يتدبر فى صحته و فساده و ضره و نفعه، فان رآه صحيحا لا يترتب عليه شيء من المفاسد آجلا و عاجلا تكلم به و ان رأى خلاف ذلك أمسك عنه.