3- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان عليّ بن الحسين (عليهما السلام) يقول: إنّه ليعجبني الرّجل أن يدركه حلمه عند غضبه.
[الحديث الرابع]
4- عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام): قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّ الحييّ الحليم.
[الحديث الخامس]
5- عنه، عن عليّ بن حفص العوسي الكوفي، رفعه إلى أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال:
قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله): ما أعزّ اللّه بجهل قطّ و لا أذلّ بحلم قطّ.
(لا يغيره قول من جهله)
(1) فلا يزعجه قول الزور و الافتراء و البهتان و الغيبة و النميمة و لا يضطربه و لا يحركه الى الانتقام و المكافاة بالمثل بل يتمسك بالصبر و الحلم كما هو شأن أرباب الايمان و أصحاب الايقان.
قوله: (انه ليعجبنى الرجل ان يدركه حلمه عند غضبه)
(2) فيمنع نفسه من التشفي و الانتقام و الاقدام على العقوبة و يحملها على العفو مع القدرة على ذلك و العفو من صفات اللّه و صفات أوليائه و من شق عليه فليتفكر فى أمر الخالق جل شأنه فانه يشرك به و يجعل له ولد و يعتقد له صفات لا تليق به و هو منزه عنها ثم هو يعافيهم و يرزقهم و يعطيهم و يقضى حوائجهم.
قوله: (ما اعز اللّه بجهل قط و لا اذل بحلم قط)
(3) لان الجهل صفة توجب الذل فى الدنيا و الآخرة و منه السفه و الاذى و المعاجلة فى العقوبة و الحلم صفة توجب العزة فيهما أما فى الآخرة فظاهر لانه من جلايل الصفات الموجبة لرفع الدرجات، و أما فى الدنيا فظاهر أيضا لان الحليم عزيز عند الخلائق كلهم و لذلك قال أمير المؤمنين (ع) «الحلم عشيرة» [1] يعنى كما ان الرجل يتمتع بالعشيرة يتمتع بالحلم و يتوقر لاجله.
[1] قوله «الحلم عشيرة» يرى الجهلاء أن الحلم من الضعف و الرجل القوى الغيور لا يتحمل ايذاء الناس و قبول الظلم أفحش من الظلم و ربما يتمسك بقول اللّه تعالى «فَمَنِ اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ» و قال تعالى «وَ لَكُمْ فِي الْقِصٰاصِ حَيٰاةٌ يٰا أُولِي الْأَلْبٰابِ» و قال تعالى «وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنٰا لِوَلِيِّهِ سُلْطٰاناً» و أيضا السكوت على الظلم و الرضا به يوجب تجرى الظالم فاذا علم ان الناس مأمورون بالسكوت زادوا فى الظلم و الجواب ان للحلم مقاما و لطلب الحقوق مقاما آخر و القدر المسلم ان الانسان لا يجوز أن ينقاد لعواطفه المترتبة على شهوته و غضبه بحيث يسلب عنه الاختيار و يجرى على ما يقتضيه قوته الواهمة بل يجب أن يكون مالكا لنفسه و لا يكون قصاصه و انتقامه و قيامه على من اعتدى عليه الا بمقتضى عقله لا لارضاء عواطفه و متابعة هواه و شهواته فانه بهذا يمتاز عن الحيوان و تربية الحلم هى من وظائف الانسان لا تربية الهوى فان الحلم هو الّذي يبقى له فى الآخرة و هو مقتضى العقل و العقل يبقى بجميع ما يقتضيه. (ش)