عيسى، عن حريز بن عبد اللّه، عن بحر السّقا قال: قال لي أبو عبد اللّه (عليه السلام): يا بحر حسن الخلق يسر، ثمّ قال: ألا اخبرك بحديث ما هو في يدي أحد من أهل المدينة؟
قلت: بلى، قال: بينا رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) ذات يوم جالس في المسجد إذ جاءت جارية لبعض الأنصار و هو قائم، فأخذت بطرف ثوبه، فقام لها النبيّ (صلى اللّه عليه و آله) فلم تقل شيئا و لم يقل لها النبيّ (صلى اللّه عليه و آله) شيئا حتّى فعلت ذلك ثلاث مرّات، فقام لها النبيّ في الرّابعة و هي خلفه، فأخذت هدبة من ثوبه ثمّ رجعت فقال لها الناس: فعل اللّه بك و فعل حبست رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) ثلاث مرّات، لا تقولين له شيئا و لا هو يقول لك شيئا، ما كانت حاجتك إليه؟ قالت: إنّ لنا مريضا فأرسلني أهلي لآخذ هدبة من ثوبه، [ل] يستشفي بها، فلمّا أردت أخذها رآني فقام فاستحييت منه أن آخذها و هو يراني و أكره أن أستأمره في أخذها، فأخذتها.
[الحديث السادس عشر]
16- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حبيب الخثعمي، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله): أفاضلكم أحسنكم أخلاقا الموطّئون
قوله: (حسن الخلق يسر)
(1) أى سبب لليسر لان الناس مجبولون بحب من يلاقيهم بحسن الخلق و رعايته. (ألا اخبرك بحديث ما هو فى يدى أحد من أهل المدينة)
(2) الجملة صفة الحديث و «ما» نافية.
قوله: (فقام لها النبي (ص))
(3) حسن الخلق من صفات الأنبياء و الاولياء و افضلهم و اكملهم فى هذه الفضيلة هو نبينا (ص) و لذلك وصفه اللّه تعالى بقوله «إِنَّكَ لَعَلىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ» فان تنكره مع وصفه بالعظيم يدل على أنه فى علو قدره بحيث لا تصل إليه عقول البشر و لا يحوم حوله طائر الفكر و النظر.
(فأخذت هدبة من ثوبه)
(4) هدبة الثوب مما يلى طرته و القطعة منه مثال غرفة و ضم الدال للاتباع لغة.
قوله: (الموطئون أكنافا)
(5) هذا مثل لمن لان طبعه و حسن خلقه و حقيقته من التوطية و التمهيد و التذليل، و فراش وطئ أى مذلل ناعم لا يؤذى جنب النائم. و الاكناف جمع الكنف بالتحريك و هو الجانب و الناحية، أراد الذين جوانبهم و نواحيهم وطئة يتمكن منها من يصاحبهم و لا يتأذى بخلاف سيئ الخلق و المتكبر.