عن دابّته، فخرّ ساجدا، فأطال و أطال، ثمّ رفع رأسه و ركب دابّته، فقلت:
جعلت فداك قد أطلت السجود؟ فقال: إنّني ذكرت نعمة أنعم اللّه بها عليّ، فأحببت أن أشكر ربّي.
[الحديث السابع و العشرون]
27- عليّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي عبد اللّه صاحب السابري فيما أعلم أو غيره، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: فيما أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى موسى (عليه السلام) يا موسى أشكرني حقّ شكري، فقال: يا ربّ و كيف أشكرك حقّ شكرك و ليس من شكر أشكرك به إلّا و أنت أنعمت به عليّ؟ قال: يا موسى الآن شكرتني حين علمت أنّ ذلك منّي.
[الحديث الثامن و العشرون]
28- ابن أبي عمير، عن ابن رئاب، عن إسماعيل بن الفضل قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): إذا أصبحت و أمسيت فقل عشر مرّات: «اللّهم ما أصبحت بي من نعمة أو عافية من دين أو دنيا فمنك وحدك، لا شريك لك، لك الحمد و لك الشكر بها عليّ يا ربّ
(يا موسى اشكرنى حق شكرى فقال يا رب)
(1) تقول أديت حق فلان اذا قابلت احسانه باحسان مثله، و المراد هنا طلب أداء شكر نعمته على وجه التفصيل و هو لا يمكن من وجوه الاول أن نعمه غير متناهية لا يمكن احصائها تفصيلا فلا يمكن مقابلتها بالشكر، الثانى أن كل ما نتعاطاه مستندا الى جوارحنا و قدرتنا من الافعال فهى فى الحقيقة فيه نعمة و موهبة من اللّه تعالى و كذلك الطاعات و غيرهما نعمة منه فتقابل نعمته بنعمته، الثالث أن الشكر أيضا نعمة منه فمقابلة كل نعمة بالشكر يوجب العجز و التسلسل و هو غير مقدور للعبد و قول موسى (ع) «يا رب كيف أشكرك حق شكرك- الى آخره» يحتمل الوجهين الاخيرين و روى ان هذا الخاطر خطر لداود (ع) أيضا فقال يا رب كيف أشكرك و انا لا استطيع ان اشكرك الا بنعمة ثانية من نعمك فاوحى اللّه تعالى إليه اذا عرفت هذا فقد شكرتنى.
و اما ما يقال فى العرف من ان فلانا مؤد لحق اللّه فمبنى على ان التكاليف تسمى حقوقا له و ذلك الاداء فى الحقيقة من أعظم نعم اللّه تعالى على عبده قال اللّه عز و جل «يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لٰا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلٰامَكُمْ بَلِ اللّٰهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدٰاكُمْ لِلْإِيمٰانِ إِنْ كُنْتُمْ صٰادِقِينَ».
قوله: (اللهم ما أصبحت بى من نعمة)
(2) الاصباح الدخول فى الصبح و قد يراد به الدخول فى الاوقات مطلقا و ما الموصولة مبتدأ و العائد إليه مستتر فى الظرف و الظرف و هو «بى» مستقر حال عن الموصول أى متلبسا بي و «من نعمة» بيان له و «منك» خبر له و الفاء لتضمن