عن أبي جميلة، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه.

[الحديث الخامس]

5- عنه، عن أبيه، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسن بن زياد الصيقل، عن فضيل ابن يسار قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إنّ أشدّ العبادة الورع.

[الحديث السادس]

6- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن حنان بن سدير قال: قال أبو الصباح الكناني لأبي عبد اللّه (عليه السلام): ما نلقى من الناس فيك؟! فقال أبو عبد اللّه (عليه السلام): و ما الذي تلقى من الناس فيّ؟ فقال: لا يزال يكون بيننا و بين الرّجل الكلام فيقول: جعفريّ خبيث، فقال: يعيّركم النّاس بي؟

فقال له أبو الصباح: نعم فقال: ما أقلّ و اللّه من يتّبع جعفرا منكم، إنّما أصحابي من اشتدّ ورعه، و عمل لخالقه و رجا ثوابه، فهؤلاء أصحابي.

المواظبة على الطهارة التامة و الجد في العبادة و المراقبة و الاعراض عن المشاغل الدنيوية الحسية بالكلية فيحصل له الوجد و الشكر و الشوق و المحبة فيمحوه تارة بعد اخرى و يجعله فانيا عن نفسه و هكذا حتى يتمكن و يتخلص من التلوين و ينزل عليه السكينة و يصير ورود هذه الاحوال ملكة له و اذا بلغ هذه المرتبة دخل في عالم الجبروت و لا يرى الا الحى الّذي لا يموت و تم له نظامه و نال ماله عند اللّه كماله و تمامه.

قوله: (لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه)

(1) أى لا ينفع الاجتهاد في الاعمال المطلوبة و الافعال المرغوبة بلا ورع عن المحرمات و المشتبهات و غيرها فان احداث الباعث للكرامة لا ينفع مع الاتيان بالمانع منها.

قوله: (ان أشد العبادة الورع)

(2) اذ في كل عبادة جهاد مع النفس الامارة و لا ريب في أن تفاوت العبادات في الشدة و الفضيلة باعتبار تفاوت الجهاد مع النفس في الشدة و الضعف و لا في أن الجهاد معها في الورع عن المحرمات أشد فاذن الورع أشد العبادة

قوله: (انما أصحابى من اشتد ورعه و عمل لخالقه و رجا ثوابه)

(3) في ذكر الرجاء بعد العمل و الورع تنبيه على أنهما سبب لرجاء الثواب لا للثواب و على أنه لا ينبغى لاحد أن يتكل على عمله، غاية ما في الباب له أن يجعله وسيلة للرجاء و قد مر أن الرجاء بدونهما غرور و حمق و فيه دلالة على أنه (ع) كره ما قاله أبو الصباح لما فيه من الخشونة و سوء الادب.