قال: سألته: عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّٰهِ فَهُوَ حَسْبُهُفقال:
التوكّل على اللّه درجات منها أن تتوكّل على اللّه في أمورك كلّها، فما فعل بك كنت عنه راضيا، تعلم أنّه لا يألوك خيرا و فضلا و تعلم أن الحكم في ذلك له، فتوكّل على اللّه بتفويض ذلك إليه وثق به فيها و في غيرها.
[الحديث السادس]
6- عدّة من أصحابنا. عن سهل بن زياد، و عليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعا عن يحيى بن المبارك، عن عبد اللّه بن جبلة، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: من اعطي ثلاثا لم يمنع ثلاثا: من اعطى الدّعاء اعطي الاجابة و من اعطي الشكر اعطي الزّيادة و من اعطي التوكّل اعطي الكفاية ثمّ قال: أ تلوت كتاب اللّه عزّ و جلّ: وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّٰهِ فَهُوَ حَسْبُهُ؟ و قال: «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ»
قوله: (فقال التوكل على اللّه درجات منها أن تتوكل على اللّه في امورك كلها)
(1) قد عرفت ان شرط التوكل فيها ليس رفع اليد عن أسبابها بل شرطه عدم الاعتماد عليها و الوثوق بها فلو طلب طالب الرزق مثلا رزقه من أسبابه المشروعة كالتاجر من التجارة، و الزارع من الزراعة، و ليس اعتمادهما على عملهما بل على اللّه سبحانه، و على أن الرزق عليه ان شاء رزقه منهما و ان شاء رزقه من غيرهما حتى لو فسد العمل لم يحزنا لم يكن ذلك منافيا للتوكل، و كذلك لو حمل الخائف من العدو سلاحا و قفل الخارج من البيت بابا و شرب المريض دواء، و لم يكن اعتمادهم على السلاح و القفل و الدواء اذ كثيرا ما يغلب العدو مع السلاح و يسرق السارق بكسر القفل و لا ينفع الدواء بل اعتمادهم عليه عز و جل لم يكن هذا منافيا للتوكل، و بالجملة قلب المتوكل متوجه الى اللّه و توجهه الى الوسائط و الاسباب باعتبار أن العالم عالم الاسباب و أن اللّه تعالى أبى أن تجرى الامور الا بأسبابها فهو ان ظن سببا و تعرض له و لم يعتمد عليه بل على خالقه فان ترتب عليه الاثر شكر و ان لم يترتب لم يسخط و رضى لعلمه بأنه تعالى عالم بمصالح اموره، و أن ما فعله كان محض الخير فهو متوكل مفوض أمره الى اللّه (تعلم أنه لا يألوك خيرا)
(2) الألو التقصير و اذا عدى الى مفعولين يضمن معنى المنع أى لا يمنعك خيرا و فضلا مقصرا في حقك.
قوله: (و من اعطى التوكل اعطى الكفاية)
(3) نقل أن خليل الرحمن حين وضع في المنجنيق قال حسبى اللّه و نعم الوكيل، فلما رمى لاقاه جبرئيل (ع) في الهواء و قال أ لك حاجة؟ قال أما أليك فلا. قال ذلك ابقاء لتوكله الّذي أظهره أولا فكفاه اللّه عن النار.