السكوت عمّا لا يليق بالعقلاء و ذوي المروءات من الكلمات الواهية و الألفاظ اللّاغية و إن كانت من المباحات، و وجه كونهما أثرين للفقه دالّين عليه ظاهر لأنّ نور الفقه إذا اشتعل في القلب و أحاط به ليس له إلّا همّ بالسير إلى حضرة القدس و تجهيز سفر الآخرة و حمل ما يحتاج إليه من الضروريّات و رفض ما يمنع عنه أولا يحتاج إليه و لا شبهة في أنّ الحلم و الصمت ممّا يحتاج إليهما و إنّ ضدّيهما أعنى السفاهة الناشية من طغيان القوّة الغضبيّة و التكلّم بالكلمات الناشية من فساد القوّة العقليّة مانعان من ذلك، فلا محالة يرفضهما و بحكم المقابلة السفاهة و التكلّم بما لا يعني من علامات الجهل لأنّ من تمسّك بمقتضيات القوّة الغضبيّة سلبت عنه الحقيقة الإنسانية و من التزم التكلّم بما لا يعني فسد قلبه، و لذلك قال (صلى اللّه عليه و آله): «لا يستقيم إيمان عبد حتّى يستقيم قلبه و لا يستقيم قلبه حتّى يستقيم لسانه [1]»
[الحديث الخامس]
«الاصل»
5- «أحمد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد البرقيّ، عن بعض أصحابه» «رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا يكون السفه و الغرّة في قلب العالم».
«الشرح»
(أحمد بن عبد اللّه)
(1) هو ابن بنت أحمد بن محمّد البرقي
(عن أحمد بن محمّد البرقي، عن بعض أصحابه، رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا يكون السفه)
(2) السفه بالتحريك بىخردى و سبكى، و أصله الخفّة و الحركة الغير المنتظمة و سخافة رأي يقتضيها نقصان العقل
(و الغرّة)
(3) بكسر الغين المعجمة و تشديد الرّاء المهملة الغفلة و الغارّ الغافل و منها أتاهم الجيش و هم غارّون أي غافلون
(في قلب العالم)
(4) لأنّ قلب العالم لكونه منارا لسراج الحقائق و مشكاة لأنوار المعارف
[1] أخرجه احمد بن و ابن أبى الدنيا في الصمت و كلاهما من رواية على بن مسعدة الباهلى عن قتادة عن أنس كما في الترغيب و الترهيب ج 3 ص 528.