«محتملة للأمر و النهي لئلا يكونوا سدى مهملين، و ليعظّموه و يوحّدوه و يقرّوا» «له بالربوبيّة و ليعلموا أنّه خالقهم و رازقهم، إذ شواهد ربوبيّته دالة ظاهرة و» «حججه نيّرة واضحة و أعلامه لائحة، تدعوهم إلى توحيد اللّه عزّ و جلّ و تشهد» «على أنفسها لصانعها بالربوبيّة و الالهيّة، لما فيها من آثار صنعه و عجائب تدبيره» «فندبهم إلى معرفته لئلّا يبيح لهم أن يجهلوه و يجهلوا دينه و أحكامه لأنّ الحكيم» «لا يبيح الجهل به و الانكار لدينه، فقال جلّ ثناؤه: «أَ لَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثٰاقُ الْكِتٰابِ» «أَنْ لٰا يَقُولُوا عَلَى اللّٰهِ إِلَّا الْحَقَّ»و قال «بَلْ كَذَّبُوا بِمٰا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ»فكانوا» «محصورين بالأمر و النهي، مأمورين بقول الحقّ، غير مرخّص لهم في المقام» «على الجهل، أمر هم بالسؤال و التفقّه فى الدّين فقال «فَلَوْ لٰا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ» «مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذٰا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ»و قال «فَسْئَلُوا» «أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لٰا تَعْلَمُونَ»*فلو كان يسع أهل الصحّة و اللامة المقام» «على الجهل، لما أمرهم بالسؤال و لم يكن يحتاج إلى بعثة الرسل بالكتب و الآداب» «و كادوا يكونون عند ذلك بمنزلة البهائم و منزلة أهل الضرر و الزمانة و لو كانوا» «كذلك لما بقوا طرفه عين، فلمّا لم يجز بقاؤهم إلا بالأدب و التعليم وجب» «أنّه لا بدّ لكلّ صحيح الخلقة كامل الآلة، من مؤدب و دليل و مشير و آمروناه» «و أدب و تعليم و سؤال و مسألة».
«الشرح»:
و لما فرغ عن التحميد و الصّلاة أراد أن يشير إلى سبب تأليف هذا الكتاب- و سببه بطريق الاجمال أنّ رجلا من المؤمنين شكا إليه الخلائق بسوء عقايدهم و أفعالهم من اتّفاقهم على الجهل بأمر الدّين و تعظيمهم لأهله لعلّه ينزعه عن شكايته و يزيله عمّا يشكوه و سأله هل يسعهم المقام على الجهل و التقليد بالآباء و الأسلاف أم لا، فأجاب بأن الناس على صنفين صنف أهل الضرر و الزمانة، و صنف أهل الصحّة و السّلامة و هذا الصنف لا يجوز لهم المقام على الجهل بل وجب عليهم التعلّم و التعليم