نام کتاب : شرح البداية في علم الدراية نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 61
والخبر المتواتر معنىً كشجاعة عليٍّ وكرمهِ[1] ، وكرم حاتم[2] ، فإنَّه قد رُوي وقائع في شجاعته وكرمهما ، وإنْ لم يتواتر كلُّ واحدٍ ، لكنَّ القدر المشترك متواتر.
والخبر المحتف بالقرائن: كمَن يخبر عن مرضه عند الحكيم ، ونبضُه ولونُهُ يدُلاّن عليه ، وكذا مَن يخبر عن موت أحد ٍ ، والنّياحُ والصِّياحُ في بيته ، وكُنّا عالمين بمرضه ، وأمثال ذلك كثيرةٌ . وإنكار جماعةٍ[3] أصل العلم به ، للتَّخلُّف عنه ، خطأ ؛ لجواز عدم الشرائط في صورة التخلًُّف ، خصوصاً مع عدم الضَّبط لهذه الجهات بالعبارات.
وما ـ أي: الخبرُ الذي ـ عُلِمَ وجودُ مخبَره: بالنّظر؛ كقولنا: مُحمّدٌ رسولُ الله.
وقد يُعلم كذبه كذلك:
أي: بالضرورة ، أو النظر . وأمثلتهما تُعلم بالمقايسة على السابق.
أ ـ فالمعلومُ كِذبه ضرورةً: ما خالفَ المتواتر ، وما عُلِمَ عدمُ وجود مخبره ضرورةً: حِسّياً ، أو وجدانيّاً ، أو بديهيّاً.
ب ـ و[المعلومُ كِذبُه] كَسباً: الخبرُ المخالِفُ لِمَا دَلَّ عليه دليلٌ قاطعٌ بالكسب . ومنه الخبر الذي تتوفّر الدّواعي على نقله ولم ينقل كسقوط المؤذّن عن المنارة ، ونحو ذلك[4].
وقد يحتمل الخبر الأمرين:
الصِّدق والكذبُ ، لا بالنظر إلى ذاته ؛ إذ جميع الأخبار تحتملها كذلك ، كأكثر الأخبار ؛ فإنَّ الموافقَ منها للقسمين الأوّلين قليل[5].
[1] هو ابنُ أبي طالب (عليه السلام) . وُلدَ يوم الجمعة في 13 رجب ، بعد ولادة النبيِّ بثلاثينَ عاماً ، أشهر كُناه: أبو الحسن ، أشهر ألقابه: المُرتضى . أوّل مَن آمن برسالة محمّد(صلى الله عليه وآله)، واختصَّه النبيُّ بالأخوَّة حين آخى بين المُسلمين . أمَّره النبيُّ(صلى الله عليه وآله)في كثير من غزواته وسراياه . مُدِح في كثير من آيات القرآن العظيم ، وعلى لسان النبيّ في أحاديثه الشّريفة . بُويع له بالخلافة في غدير خم في يوم 18 ذي الحجة ، سنة 10 من الهجرة ، وتسلَّمها سنةَ 35 هجريّة . وبعد ذلك بخمس سنوات استشهد في عاصمة حكمه الكوفة ، سنة 40 للهجرة ؛ بضربةٍ الخارجيّ عبد الرحمن بن ملجم المرادي ، ليلة 19 رمضان ، أثناء أداء فريضة الفجر ؛ ودُفن في الغريّ . من كلماته: قيمةُ كُلّ امرئٍ ما يُحسنه . سرّك دمُك ، فلا تجرينَّه إلاّ في أوداجك . يُنظر: لمحاتٌ من تأريخ أهل البيت ، ص17 ـ 21.
[2] حاتِم بن عبدالله بن سعد بن الحشرج الطائيّ القحطاني ، أبو عدي ، فارس ، شاعر ، جاهلي ، يُضرب المثل بجوده . كان من أهل نجد ، وزار الشّام ، فتزوَّج ماويَّة بنت حجر الغسَّانيَّة ، ومات في عوارضَ (جبل في بلاد طيٍّ) سنةَ 46 هـ . شعره كثير ضاعَ معظمه ، وبقي منه ديوانٌ صغير ـ ط . ينظر: الأعلام: 2/ 151.
[3] قال المدديّ: منهم السيِّد المرتضى ، اختاره في: الذريعة إلى أصول الشريعة/ 2/ 517 ـ 518.