حرفية في غير التركيب الكلامي، بخلاف المفاهيم الاسمية، فإنها مفاهيم متقررة في عالم مفهوميتها سواء استعمل اللفظ فيها أم لا.
الثالث: أن المادة في الهيئة الإنشائية، مثل" بعت"، تكون إيجادية، إلّا انه فرق بين هذا النحو من الإيجاد و الإيجاد في الحروف، و هو أن الحرف موجد لمعنى غير استقلالي ربطي بين مفهومين في مقام الاستعمال، و لا
واقع له غير هذا المقام، بخلاف البيع الذي يوجد بقول البائع:" بعت" فان إيجاده بمعونة الهيئة ليس في عالم الاستعمال، بل بتوسط الاستعمال يوجد المعنى في نفس الأمر في الأفق المناسب لوجوده، و هو عالم الاعتبار، فكم فرق بين إيجاد معنى ربطي في الكلام بما هو كلام، و بين إيجاد معنى استقلالي في موطنه المناسب له.
الرابع: أن المعنى الحرفي حين الاستعمال غير ملتفت إليه، و يكون حاله حال اللفظ حين الاستعمال، فكما أن المستعمل حين الاستعمال لا يرى إلّا المعنى، و لا يلتفت إلى اللفظ، كذلك المعنى الحرفي غير ملتفت إليه حال الاستعمال. بل الملتفت إليه، هي المعاني الاسمية غير الاستقلالية. و لو التفت إليه يخرج عن كونه معنى حرفيا. و لذا لا يعقل جعله مبتدئا يخبر عنه.
توضيح ذلك: انه تارة تخبر عن نفس السير الخاص و تقول:" سرت من البصرة" فالنسبة الابتدائية في هذا المقام، مغفول عنها. و أخرى عن نفس النسبة، فتقول النسبة الابتدائية كذا، فهي الملتفت إليها.
فالمتحصل من هذه الأركان: إن الحروف، لها معان في قبال المعاني الاسمية، و هي في حد كونها معاني- أي في عالم التجرد العقلاني- معان غير مستقلة و تكون المعاني الحرفية بأجمعها، إيجادية، موجدة لمعنى ربطي في الكلام، لا في