و ان كان شقيا لزم أن لا يكون السعيد في بطن أمه سعيدا لانه حين اطاعته سعيد، أولا تكون اطاعته ناشئة عن السعادة الذاتية.
و أما الرواية الثانية فهي أجنبية عما اختاره بالمرة، و ذلك لان مفادها أنه كما أن معادن الذهب و الفضة مختلفة تنقسم إلى الجيد و الرديء كذلك الناس مختلفون باختلاف الغرائز و الاستعدادات و الصفات النفسانية، و ذلك لا يلزم سلب الاختيار، بل الاختيار في الجميع يكون موجودا و لا يكون أحد مجبورا على الاطاعة أو العصيان كما مر تحقيق ذلك.
و أين هذا من الالتزام بأن الاطاعة و العصيان ناشئتان عن السعادة و الشقاوة الذاتيتين.
اختلاف الناس في الصفات النفسانية
الثالث: لا يخفى أنا لا ندّعي تساوى جميع الافراد في المرجحات الداعية إلى اختيار الطاعة أو العصيان و عدم مدخلية الصفات النفسانية، التي هي جنود العقل و جنود الجهل فيه، لان هذا مخالف للعيان و يرده الآيات الشريفة و الروايات المستفيضة.
بل ندّعي وجود الاختيار في الجميع و ان المطيع يطيع باختياره و العاصي يخالف التكليف باختياره، و الا فلو كان مجبورا على الفعل لا
يكون بالنسبة إلى ذلك الفعل مطيعا و لا عاصيا و لا يستحق الثواب و لا العقاب عليه.
و بعبارة أخرى: لا بد من اشتراك جميع المكلفين في قدرتهم على الفعل