و أضف إلى ذلك أن القول به مخالف للحس و الوجدان، و ذلك لان كل انسان يجد و يدرك بفطرته أنه قادر على جملة من الأفعال و يتمكن من أن يفعلها أو يتركها، و لا يفعلها الا و يرى أنه قادر على تركها.
و هذا الحكم فطري لا يشك فيه أحد ما لم يعتريه شبهة من الخارج.
و قد أطبق العقلاء كافة على استحقاق فاعل القبيح للذم و فاعل الحسن للمدح، مع اطباقهم على أن الذم و المدح انما يتوجهان إلى المختار دون المضطر، فكون جملة من الأفعال اختيارية مما بنى عليه بناء العقلاء.
مع أنه يترتب على القول بالجبر عدة توال فاسدة، قد أشرنا إليها سابقا، و هي: انكار التحسين و التقبيح العقليين.
و سلب العدالة عن اللّه تعالى.
و ان التكليف بما لا يطاق لا محذور فيه.
و كل واحد من هذه التوالي كاف في الرد على الجبرية.
التحسين و التقبيح العقليان
و لا بأس بالإشارة الاجمالية إلى وجه فساد كل واحد منها و ان كان واضحا غير محتاج إلى بيان، فأقول:
أما الحسن و القبح العقليان فذهبت الاشاعرة- خلاقا للمعتزلة و الامامية-