الشريفة لا تدل على أن كثيرا من الانس و الجن خلقوا ليدخلوا السعير، بل تدل على أن عاقبة كثير من الطائفتين هو دخول جهنم و ذيلها يدل على أن هذه العاقبة التي في انتظارهم ليست بجبر من اللّه تعالى، بل من ناحية أنهم افشلوا وسائل ادراكاتهم بالمعاصى عن اختيار.
و بذلك يظهر الجواب عن الاستدلال له بقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَ عَلَى سَمْعِهِمْ وَ عَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَ لَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ [1] فان هذه الآية واردة في الذين كفروا باختيارهم.
و لا يبعد أن يكون المراد بهم الكفار من كبراء مكة الذين عاندوا في أمر الدين و لم يألوا جهدا في ذلك، تدل خصوصا بقرينة تغيير السياق- حيث نسب الختم إلى نفسه تعالى و الغشاوة إليهم أنفسهم- على أن فيهم حجابين: حجابا في أنفسهم، و حجابا من اللّه تعالى عقيب كفرهم، فأعمالهم متوسطة بين حجابين من ذاتهم و من اللّه تعالى.
القول بالجبر مخالف للوجدان
فالمتحصل مما ذكرناه أن شيئا من البراهين التي أقيمت على الجبر لا يتم.