يمكن أن يثبت بما ذكر من الاصول المادية المكتشفة بالبحث العلمي: ان العلل الطبيعية لا تقى بوجود الروح، و لا تصلح أن يستنتج منها وجوده. و قديما قالوا" عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود".
فالمتحصل: ان وجود تلك الحقيقة المعبر عنها ب" أنا" غير قابل للانكار.
و تلك الحقيقة لها حكومة على سائر الاعضاء و الغرائز و لها أن تفشل ما يميل إليه سائر الاعضاء، و هي العاملة القوية الموجبة لحصول الاعتدال بين ما هو أساس الغرائز، و هو حس جلب النفع و دفع الضرر، مع التكاليف الاجتماعية و الدينية، و بالنتيجة تصير الأفعال موافقة للقوانين الخارجية.
الشوق ليس علة للفعل الاختياري
الثانية: ان الموجب لصدور الفعل الاختياري هو أعمال هذه الحقيقة قدرتها في العمل لا الشوق، إذ نرى بالوجدان أنه بعد تحقق الشوق الاكيد المتعلق بالهدف و بنفس الفعل، يمكن لتلك الحقيقة المشار إليها آنفا أن تمنع عن الفعل و تمنع عن تحققه و توجب أن لا يوجد.
قال ارسطو: ان ما هو سبب صدور الفعل هو ذلك لا الشوق المشترك بين الإنسان و سائر الحيوانات.
و أيضا ربما يعارض ذلك مع الشوق و الرغبة و لا يعقل المبارزة الا مع التعدد.
و أيضا ان الشوق يتعلق بالمجال و الممتنع و لا يعقل تعلق الاختيار به.