و أما المفوضة [1] فحفظا لعدالة اللّه تعالى التزموا بأن أفعال العباد غير مربوطة به تعالى و تمام المؤثر فيها هو العبد [2].
و لكن لازم هذا القول نفى السلطنة عنه، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
و المثال العرفي الذي يوضح هذا المذهب: انه إذا فرضنا أن المولى أعطى
[1] المفوضة صنف من الغلاة و قولهم الذي فارقوا فيه من سواهم من الغلاة اعترافهم بحدوث الأئمة و خلقهم و نفي القدم عنهم، و إضافة الخلق و الرزق مع ذلك اليهم، و دعواهم ان اللّه تبارك و تعالى تفرد بخلقهم خاصة و أنه فوض اليهم خلق العالم، بحار الأنوار ج 25 ص 345، تصحيح الاعتقاد ص 131، و في مجمع البحرين ج 2 ص 438 (فوض) المفوّضة قوم قالوا ان اللّه خلق محمدا و فوض اليه خلق الدنيا فهو الخلّاق لما فيها، و قيل فوض ذلك إلى علي، و في مشارق أنوار اليقين في اسرار امير المؤمنين: ان المفوضة عشرون فرقة ثم ذكر اصنافهم فمن اراد التوسعة فاليراجع المشارق ص 335.
[2] و هذا يتنافى مع صريح الآية المباركة الحمد لله رب العالمين حيث أخبر سبحانه عن نفسه أنه الإله الخالق و في نفس الامر هو الرب المدبر لشئون الخلق و ارزاقهم .. و في ذلك ابطال ايضا لما ذهبت اليه اليهود من ان اللّه سبحانه خلق الخلق و استراح او اوكل الامر إلى كهنتهم ..، و قد حكى اللّه سبحانه و تعالى عن بعض أقوالهم هذه كما في سورة المائدة آية 64. نعم ما ذكرنا لا يتنافى مع الاعتقاد بان يكون للانبياء أو الاوصياء القدرة على التصرف بمسائل كونية بمشيئته تعالى.