الثالث: قد مر أن المصادر و الأفعال خارجة عن محل النزاع: لأنها غير جارية على الذوات، لان المصادر وضعت للدلالة على المبادئ التي تغاير الذات و لا يقبل الحمل عليها، و الأفعال وضعت للدلالة على نسبة المادة إلى الذات على أنحائها المختلفة و معلوم أن معانيها هذه تأبى عن الحمل على الذوات.
ثم أن المشهور بين النحويين دلالة الأفعال على الزمان [1] و لذا زادوا في حدِّ الفعل الاقتران بإحدى الأزمنة الثلاثة.
و لكن الظاهر أن مراد النحويين من دلالة الفعل على الزمان، ليس ما هو ظاهره من أن فعل الماضي ما دل على وقوع الحدث في الزمان الماضي، و فعل المضارع ما دل على وقوع الفعل في الحال أو المستقبل.
كي يرد عليهم: بان الفعل قد يسند إلى الزمان، مثل مضى شهر رمضان، و قد يسند إلى المحيط بالزمان كما يقال أن اللّه تعالى تكلم مع موسى (ع)، أو خلق اللّه الأرواح و ما شاكل ذلك، فيلزم منه حينئذ القول بالمجاز أو التجريد عند الإسناد في هذه الموارد.
بل المراد أن فعل الماضي موضوع لإفادة النسبة التحققية السبقية، و المضارع
[1] كما نسبه السيد الخوئي (قدِّس سره) في المحاضرات إلى المشهور ج 1 ص 233، و لكنه اختار خلافه ص 75- 76.