الشرعية تشمل القادر و العاجز باطلاقها، و توهم انها بالارادة الاستعمالية تعلقت بالمطلق، إلا ان الجدية متعلقة بالمقيدة، بالقدرة، مدفوع بأن التقييد اما من جانب الشرع أو من جانب العقل. و لو قلنا بالأول، لزم القول بجريان البراءة عند الشك في القدرة، و القوم لا يلتزمون بذلك، بل قائلون بالاحتياط مع الشك فيها، و لو قلنا بالثاني لزم تصرف العقل في حكم الغير و إرادته مع كون الشرع غيره، و لا معنى لتصرف العقل في إرادة الغير.
المقدمة السابعة: في أن الأمر بكل من الضدين أمر مقدور: الأمر بكل من الضدين، أمر بالمقدور، و الذي يكون غير مقدور هو الجمع بين المتعلقين، و هو ليس متعلق الجمع، فإذا قامت الحجة في أول الزوال على وجوب الصلاة، و قامت حجة اخرى على وجوب الإزالة عن المسجد فكل واحد حجة في مفاده مستقلا لا في الجمع بينهما، و ليس قيام الحجتين على الضدين، إلا كقيامهما على الأمرين المتوافقين غير المتزاحمين (كالصلاة و الصوم) في أن كل واحد حجة في مفاده لا في الجمع بينهما.
ثم إذا كان التكليفان متساويين في المصلحة، فالعقل يستقل- في صورة الابتلاء- بالتخيير، فإذا اشتغل باحدهما يكون في مخالفة الأمر الآخر معذورا عقلا من غير تقييد. و أما لو كان احدهما أهم من الآخر، فلو اشتغل بالأهمّ فهو معذور في ترك الآخر، و لو اشتغل بالمهم، فقد امتثل احد التكليفين الكليين، و ان كان غير معذور في ترك الأهمّ. و مع عدم اشتغاله بذلك، لا يكون معذورا في ترك واحد منهما، لأنه كان