نام کتاب : ديوان أبي طالب بن عبد المطلب نویسنده : المهزمي، ابو هفان جلد : 1 صفحه : 250
فلمّا اطمأنّا لم يلبث عمارة أن دبّ لامرأة النجاشي-و كان رجلا جميلا و سيما- فأدخلته، فاختلف إليها، و جعل إذا رجع من مدخله ذلك يحدّث عمرا بما كان من أمره، فجعل عمرو يقول: لا أصدقك أنك قدرت على هذا، شأن المرأة أرفع من هذا. فلمّا أكثر عليه عمارة-و كان عمرو قد صدّقه و عرف أنه قد دخل عليها، و رأى من هيئته و ما تصنع به و الذهاب إذا أمسى و بيتوتته [16] عنه حتى يأتي (46/أ) من السّحر، ما عرف به ذلك-، و كانا في منزل واحد، و لكنه كان [17] يريد أن يأتيه بشيء لا يستطيع دفعه إن هو رفع شأنه إلى النجاشيّ، فقال له في بعض ما يذكر من أمرها: إن كنت صادقا أنك بلغت من أمرها ما تقول، فقل لها فلتدهنك من دهن النجاشيّ الذي لا يدّهن منه غيره، فإنّي أعرفه، و ايتني منه بشيء حتى أصدّقك في ما تقول. قال أفعل. فجاءه في بعض ما يدخل عليها و قد دهنته و أعطته منه شيئا في قارورة، فلمّا شمّه عرفه فقال: صدقت، و أنا أشهد أنك قد أصبت شيئا ما أصاب أحد من العرب مثله: امرأة الملك، ما سمعنا بمثل هذا.
و كانوا أهل جاهليّة، و كان ذلك فضلا في أنفسهم لمن أصابه و قدر عليه.
ثم إنه سكت عنه، حتى إذا اطمأنّ، دخل عمرو على النجاشيّ فقال له: أيها الملك معي سفيه من سفهاء قريش، و قد خشيت أن يعرّني [18] عندك أمره، و قد أردت (أن) [19] لا أرفع إليك شأنه و لا أعلمك ذلك، حتى استبنت [20] أنه (46/ب) دخل على بعض نسائك فأكثر، و هذا دهنك قد أعطته و ادّهن به [21] . فلما شمّ النجاشيّ (الدّهن) [22] قال: صدقت، هذا دهني الذي لا يكون إلاّ عند نسائي. ثم دعا بعمارة بن الوليد و دعا بالسّواحر، فجرّدنه من ثيابه، ثم أمرهنّ فنفخن في إحليله، ثم خلّى سبيله، فخرج هاربا في الوحش، فلم يزل بأرض الحبشة يسيح مع الوحش و يرد معها الماء.
قال: فرجع عمرو إلى مكة، و فشا الحديث، فبلغ أبا طالب فقال:
[16] في الأصل: و بيتوته، و ربما كان: و بيتوتته عندها، أو: و بينونته عنه.