هم فرط لنا في كلّ يوم # نمدّهم، و إن لم يستمدّوا [1]
فلا الغادي يروح فنرتجيه، # و لا المتروّح العجلان يغدو
و للإنسان من هذي اللّيالي # و هوب لا يدوم و مستردّ
تجدّ لنا ملابسها، فيبقى # جديداها، و يبلى المستجدّ [2]
أ إبراهيم!أمّا دمع عيني، # عليك، فما يعدّ، و لا يحدّ
يغصّص بالأوائل منه طرف، # و يدمى بالأواخر منه خدّ
بكيتك للوداد، و ربّ باك # عليك من الأقارب لا يودّ
و إنّ بكاء من تبكيه قربى # لدون بكاء من يبكيه ودّ [3]
إذا غضنا الدّموع أبت علينا # مناقب منك ليس لهنّ ندّ
فمنهنّ اشتطاطك في المساعي، # و فضل العزم، و الباع الأشدّ
فأين مسابق الآجال طعنا، # يعود و رمحه ريّان ورد
و أين الآسر الفكّاك يسري # إليه من العدى ذمّ و حمد
فاعناق أحاط بهنّ منّ؛ # و أعناق أحاط بهنّ قد
أيا سهما رمى غرضا، فأخطا، # و ذي الأقدار أسهمها أسدّ
و لو غير الرّدى جاثاك أقعى # به من بأسك الخصم الألدّ [4]
قتيل فلّه ناب كهام؛ # و كان العضب ضوّأه الفرند [5]
و ذلّ بذلّ قاتله، فأضحى # لقاتله به عزّ و مجد
فيا أسدا يصول عليه ذئب، # و يا مولى يطول عليه عبد
[1] الفرط: المتقدم القوم الى الماء، و في القول إشارة الى أن الأموات سبقونا و نحن اللاحقون.
[2] جديداها: الليل و النهار.
[3] أي لا يكون بكاء القريب على الفقيد في مستوى بكاء الصديق.
[4] جاثاك: حاول أن يجعلك تجثو-أقعى: عجز، قعد عن المحاولة.
[5] كهام: كليل، لا يقطع جيدا-العضب: السيف، أراد به المرثي- ضوأه: أناره-الفرند: جوهر السيف.