نشدتكم اللّه، فليخبرنّ # من كان أقرب بالرّمل عهدا
هل الدّار بالجزع مأهولة، # أنار الرّبيع عليها و أسدى [1]
و هل حلب الغيث أخلافه # على محضر من زرود و مبدا؟
و هل أهله عن تنائي الدّيار، # يراعون عهدا و يرعون ودّا؟
لئن أقرض اللّه ذاك النّعيم # فيهم، لقد كان فرضا مؤدّى
أعار الزّمان، و لكنّه # تعقّب إعطاءه، فاستردّا
أنا ابن العرانين من هاشم، # أرقّ القبائل راحا و أندى [2]
أكنّهم للمراميل ظلاّ، # و أثقبهم للمطاريق زندا [3]
سراع إلى نزوات الخطوب، # يهزّون سمرا، و يمرون جردا [4]
كأنّ الصّريخ يهاهي بهم، # أسودا تهبّ من الغيل ربدا [5]
إذا أغرقوا بيضهم في الطّلى # و ساموا القنا من دم الطعن وردا
على القبّ تشغلهنّ السّياط # أمام الرّعيل عنفا و شدّا
رمين السّخال، و قين النّفوس # حتّى بلغن لغوبا و جهدا [6]
فما أومئوا بصدور الرّماح # يوما إلى القرن إلاّ تردّى [7]
سيوف تطيل قراعا و قرعا، # و خيل تعيد طرادا و طردا
و تغلق فيهم رهون الملوك # قتلا بيوم طعان و صفدا
و كم صاف من دارهم سيّد، # و قاظ يعالج في الجيد قدّا
كأنّ الفتى منهم في النّزال # يرى أكبر الغنم إن قيل أودى
[1] الجزع: اسم موضع-أسدى: امتد.
[2] ابن العرانين: ابن أصحاب الأنوف العالية.
[3] المراميل: الفقراء-المطاريق: الضيوف يطرقون ليلا.
[4] يمرون، من مرى الفرس: استخرج ما عنده من جري بسوط.
[5] هاهى به، قال له: هيه، و هي كلمة طرد و استزادة.
[6] السخال: الضعاف-قين النفوس: ذلّها-اللغوب: المتعب.
[7] القرن: الشجاع الثابت، سيد القوم.