نام کتاب : ديوان ابن الفارض نویسنده : ابن الفارض جلد : 1 صفحه : 4
العجم مثل حسن شكله... و كان عليه نور و خفر [1] ، و جلالة و هيبة، و من فهم معاني كلامه، دلته معرفته على مقامه، و من اختصه اللََّه بمحبته و أنسه، يعرف المحب بين أهل المحبة من جنسه، و قد جعل اللََّه المحبين خزائن أسراره المصونة، و معادن قوله تعالى: يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ[2] .
فشاعرنا و شيخنا يدين بالأصل إلى حماة في بلاد الشام و لهذا الأصل أهمية في طبائع الشاعر فأهل الشام لهم في الأدب صولات و جولات و طول باع. يشغلهم الجمال و يتفننون في إظهار روائع الحسن و صور الجمال و نزعتهم إلى الغزل لا مثيل لها بين شعراء العراق و مصر، و في ذلك يقول الثعالبي «أبو منصور عبد الملك» في يتيمة الدهر «السبب في تبريز القوم [3] قديما و حديثا على من سواهم في الشعر:
قربهم من خطط العرب و لا سيما أهل الحجاز و بعدهم عن بلاد العجم، و سلامة ألسنتهم من الفساد العارض لألسنة أهل العراق لمجاورة الفرس و النبط... و ما منهم إلا أديب جواد، يحب الشعر و ينتقده، و يثيب على الجيد فيجزل و يفصل. انبعثت قرائحهم في الإجادة، فقادوا محاسن الكلام بألين زمام، و أحسنوا و أبدعوا ما شاءوا» [4] .
و كان أبو بكر الخوارزمي يقول: «ما فتق قلبي، و شحذ فهمي، و صقل ذهني، و أرهف حدّ لساني، و بلغ هذا المبلغ بي إلا تلك الطرائف الشامية، و اللطائف الحلبية التي علقت بحفظي، و امتزجت بأجزاء نفسي، و غصن الشباب رطيب، و رداء الحداثة قشيب» [5] .
و أما حنينه إلى الحجاز فيعود لوجود المقامات و الحضرات