قالت: و لو لا ذلك لأبرز قبره، غير أنّه خاف أو خيف أنّه يتّخذ مسجدا. أخرجه البخاريّ [ (1)].
باب أنّ النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و سلم) لم يستخلف و لم يوص إلى أحد بعينه بل نبّه على الخلافة بأمر الصّلاة
قال هشام بن عروة، عن أبيه، عن ابن عمر قال: حضرت أبي حين أصيب فأثنوا عليه و قالوا: جزاك اللَّه خيرا، فقال: راغب و راهب. قالوا:
استخلف، فقال: أتحمّل أمركم حيّا و ميّتا، لوددت أنّ حظّي منكم [ (2)] الكفاف لا عليّ و لا لي، فإن أستخلف فقد استخلف من هو خير منّي- يعني أبا بكر- و إن أترككم فقد ترككم من هو خير منّي رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلم)، قال عبد اللَّه:
فعرفت أنّه غير مستخلف حين ذكر رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلم). متّفق عليه [ (3)]. و اتّفقا عليه من حديث سالم بن عبد اللَّه، عن أبيه.
و قال الثّوريّ، عن الأسود بن قيس، عن عمرو بن سفيان قال: لمّا ظهر عليّ يوم الجمل قال: أيّها النّاس إنّ رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلم) لم يعهد إلينا في هذه الإمارة شيئا حتى رأينا من الرأي أن نستخلف أبا بكر، فأقام و استقام حتى مضى لسبيله، ثمّ إنّ أبا بكر رأى من الرأي أن يستخلف عمر، فأقام و استقام حتّى ضرب الدّين بجرانه [ (4)]، ثمّ إنّ أقواما طلبوا الدّنيا فكانت أمور يقضي اللَّه
[ (1)] في الجنائز 2/ 91 باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور.
[ (2)] في صحيح مسلّم «منها».
[ (3)] رواه البخاري في الأحكام 8/ 126 باب الاستخلاف، و مسلّم في الإمارة (1823) باب الاستخلاف و تركه، و أبو داود في الخراج و الإمارة (2939) باب في الخليفة يستخلف، و الترمذي في الفتن (2327) باب ما جاء في الخلافة، و أحمد في المسند 1/ 13 و 43 و 46 و 47.
[ (4)] يعني استقام و قرّ في قراره، كما أنّ البعير إذا برك و استراح مد جرانه على الأرض، أي عنقه.