جابر قال: كان رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلم) يعرض نفسه على النّاس بالموقف فيقول:
«هل من رجل يحملني إلى قومه، فإنّ قريشا قد منعوني أن أبلّغ كلام ربّي». أخرجه أبو داود [ (1)]، عن محمد بن كثير، عن إسرائيل، و هو على شرط البخاري.
و قال موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قال: كان رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلم) في تلك السنين يعرض نفسه على قبائل العرب في كلّ موسم، و يكلّم كلّ شريف قوم، لا يسألهم مع ذلك إلّا أن يؤووه و يمنعوه، و يقول:
لا أكره أحدا منكم على شيء، من رضي منكم بالذي أدعوه إليه فذاك، و من كره لم أكرهه، إنّما أريد أن تحرزوني [ (2)] ممّا يراد بي من القتل [ (3)]، حتى أبلّغ رسالات ربّي، و حتّى يقضي اللَّه لي و لمن صحبني بما شاء،
فلم يقبله أحد و يقولون: قومه أعلم به، أ ترون أنّ رجلا يصلحنا و قد أفسد قومه، و لفظوه، فكان ذلك ممّا ذخر [ (4)] اللَّه للأنصار [ (5)].
و توفّي أبو طالب، و ابتلي رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلم) أشدّ ما كان، فعمد لثقيف بالطّائف، رجاء أن يؤووه، فوجد ثلاثة نفر منهم، هم سادة ثقيف:
عبد ياليل، و حبيب، و مسعود بنو عمرو، فعرض عليهم نفسه، و شكا إليهم البلاء، و ما انتهك منه قومه.
فقال أحدهم: أنا أسرق أستار الكعبة إن كان اللَّه بعثك قطّ.
[ (1)] سنن أبي داود (4734) في كتاب السّنّة، باب في القرآن، و أخرجه ابن ماجة في المقدّمة (201)، و أحمد في المسند 3/ 322 و 339 و 390، و ابن سيد الناس في عيون الأثر 1/ 152.
[ (2)] هكذا في الأصل، و في دلائل النبوّة للبيهقي، أي تحفظوني، و في نسخة دار الكتب المصرية «تجيروني».
[ (3)] في حاشية الأصل «الفتك».
[ (4)] في الأصل و غيره «دخر» بالدار المهملة، و التصويب من دلائل النبوّة للبيهقي، و الدرر في اختصار المغازي و السّير لابن عبد البرّ. و في مغازي عروة «أذخر».