سلوه عن فتية ذهبوا في الدّهر الأول، ما كان من أمرهم، فإنّه كان لهم حديث عجب.
و سلوه عن رجل طوّاف بلغ مشارق الأرض و مغاربها و ما كان نبؤه.
و سلوه عن الرّوح ما هو [ (1)]، فقدما مكة فقالا: يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم و بين محمد، قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور،
فجاءوا رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلم) فقالوا: يا محمد أخبرنا، و سألوه، فقال:
«أخبركم غدا»،
و لم يستثن، فانصرفوا عنه، فمكث [ (2)] خمس عشرة ليلة لا يحدث اللَّه إليه في ذلك وحيا، و لم يأته جبريل، حتى أرجف أهل مكة، و قالوا: وعدنا [ (3)] غدا و اليوم خمس عشر [ (4)]، و أحزن رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلم) مكث الوحي [ (5)]، ثم جاءه جبريل بسورة أصحاب الكهف فيها معاتبته إيّاه على حزنه، و خبر الفتية و الرجل الطّوّاف [ (6)] و قال: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [ (7)].
و أمّا حديث ابن مسعود، فيدلّ على أنّ سؤال اليهود عن الرّوح كان بالمدينة. و لعلّه (صلّى اللَّه عليه و سلم) سئل مرّتين [ (8)].
و قال جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس قال: سأل أهل مكة رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلم) أن يجعل
[ (1)] في عيون الأثر زيادة «و إذا أخبركم بذلك فاتّبعوه فإنّه نبيّ إن و لم يفعل فهو رجل متقوّل. فأقبل النضر و عقبة». و انظر نهاية الأرب 16/ 221.
[ (2)] في الدلائل و عيون الأثر «رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلم)».
[ (3)] في الدلائل و عيون الأثر «وعدنا محمد».
[ (4)] في الدلائل و عيون الأثر «قد أصحبنا منها لا يخبرنا بشيء مما سألناه عنه حتى أحزن».
[ (5)] في الدلائل و عيون الأثر «مكث الوحي عنه و شقّ عليه ما يتكلّم به أهل مكة».
[ (6)] الرجل الطوّاف هو ذو القرنين، كما في عيون الأثر.