و كيف كان، فالأمر سهل لو ثبت النقل، و لا مشاحة في الاصطلاح، و إنما المهم بيان ما هو معناه عرفا و لغة، ليحمل عليه فيما إذا ورد بلا قرينة، و قد استعمل في غير واحد من المعاني في الكتاب و السنّة [1]، و لا حجة على أنّه على نحو الاشتراك اللفظي أو المعنوي أو الحقيقة و المجاز.
و ما ذكر في الترجيح، عند تعارض هذه الأحوال، لو سلم، و لم يعارض بمثله، معنى حدثي ليكون إظهار فعليّته على نحو التحقّق ماضيا و على نحو الترقّب مضارعا إلى غير ذلك، و ليس وجه عدم الاشتقاق من معنى الجوهر كونه جوهرا و عدم قيامه بالغير خارجا، بل الوجه عدم تضمّنه المعنى الحدثي.
و الحاصل أنّ القول المخصوص بمعناه المصدري (أي التلفّظ به) قابل للاشتقاق منه و لكن مادة (أ- م- ر) لم توضع له، و لا يقال لمن تلفّظ بمادة الأمر أو بصيغة الطلب بدون قصد إنشاء الطلب: إنّه قد أمر، بل الأمر من مقولة المعنى (أي المعنى الانشائي) على نسق ما ذكر في البيع و الوكالة و الوضع و غيرها من الإنشائيات.
و عليه، فاللازم في صدق الأمر من فرض الطلب و إنشائه بصيغة (افعل) أو غيرها من فعل أو قول ليقال على المنشأ بلحاظ إنشائه أمرا، و أمّا القول المخصوص (أي ما هو ملفوظ) مع قطع النظر عن الإنشاء به، فغير قابل للاشتقاق.
[1] لا أرى وجها تامّا لهذا الكلام بعد اختياره (قدّس سرّه) أنّ لفظ الأمر حقيقة في الطلب في الجملة و الشّيء، فإنّه مع فرض كونه حقيقة فيهما على نحو الاشتراك اللفظي، لم يكن مورد لقوله إنّ لفظ الأمر قد استعمل في الكتاب و السنّة في معان، و لا حجّة على كونه من الاشتراك لفظا أو معنى، أو أنّه بالحقيقة و المجاز، كما لا وجه لما ذكر في آخر كلامه من ظهوره في المعنى الأوّل (أي الطلب)، للانسباق من الإطلاق، فإنّ مفهوم الشيء مع مفهوم الطلب لا يشتبه، و ليس استعماله في أحدهما كثيرا و في