في الاستنباط تغاير الحكم المستنبط و المستنبط منه، إمّا بأن لا يكون المستنبط منه حكما شرعيا و لكن يستخرج منه حكم شرعي فرعي، كقاعدة الملازمة بين إيجاب شيء و إيجاب مقدمته التي يستخرج منها وجوب الوضوء و الغسل و تطهير الثوب أو البدن عند وجوب الصلاة في قياس استثنائي فيقال مثلا:
كلما كانت الصلاة واجبة، كان الوضوء الذي هو مقدمة للصلاة واجبا أيضا.
لكن الصلاة واجبة.
فالوضوء واجب.
و إمّا بأن يكون المستنبط منه حكما شرعيا طريقيّا يحرز به تارة نفس الحكم الشرعي العملي و أخرى حال الحكم الشرعي الفرعي لا نفسه.
فالأوّل كحجية خبر الثقة بناء على كون مفاد أدلّة الاعتبار جعل الخبر علما تعبديا فيقال مثلا: العصير العنبي بعد الغليان مما قام خبر الثقة على حرمته.
و كلّ ما قام خبر الثقة على حرمته فهو معلوم الحرمة.
فينتج: أنّ العصير العنبي بعد الغليان مما علم حرمته، و بعد إحراز الحرمة يفتي الفقيه بحرمة العصير العنبي بالغليان.
و الثاني كحجية خبر الثقة بناء على كون مفاد أدلة الاعتبار جعل المنجزيّة و المعذريّة، أو جعل المؤدّى (أي جعل الحكم الطريقي على طبق مؤدياتها) و كمباحث الأصول العملية، فالحكم الشرعي العملي لا يستنتج منها بل يستنتج من هذه المباحث حاله من المنجزيّة و المعذرية.