responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دروس في علم الأصول؛ الحلقة الثالثة - ط مجمع الفكر نویسنده : الصدر، السيد محمد باقر    جلد : 1  صفحه : 99

صدق الله العظيم ر فصل فرد

[الحجّية على مبنى حقّ الطاعة:

] تقدّم في الحلقة السابقة [1] أنّ للمولى‌ الحقيقيّ (سبحانه و تعالى) حقّ الطاعة بحكم مولويّته. و المتيقّن من ذلك‌ [2] هو حقّ الطاعة في التكاليف المقطوعة، و هذا هو معنى‌ (منجِّزية القطع) كما أنّ حقّ الطاعة هذا لا يمتدّ إلى‌ ما يقطع المكلّف بعدمه من التكاليف جزماً و هذا معنى‌ (معذّريّة القطع) و المجموع من (المنجّزيّة) و (المعذّرية) هو ما نقصده بالحجّية.

كما عرفنا سابقاً [3] أنّ الصحيح في حقّ الطاعة شموله للتكاليف المظنونة و المحتملة أيضاً [4] فيكون الظنّ و الاحتمال منجِّزاً أيضاً، و من‌


[1] الحلقة الثانية، ضمن بحوث التمهيد، تحت عنوان: حجّية القطع‌

[2] أي المتسالم عليه عند القائلين بقبح العقاب بلا بيان و القائلين بمسلك حقّ الطاعة

[3] الحلقة الثانية، ضمن بحوث التمهيد، تحت عنوان: حجّية القطع‌

[4] الكلام حول دائرة حقّ طاعة اللَّه (تبارك و تعالى) ينبغي طرحه- من حيث الأساس- في بحث العقائد، و قد بحثه السيّد الشهيد (رحمه الله) على وجه الاختصار في الحلقة الاولى و الثانية من هذا الكتاب، كما هو مطروح أيضاً في تقريرات بحثه (مباحث الاصول، الجزء الثالث من القسم الثاني: 61- 77).

و لا يخفى أنّ هذا البحث من أساسه ليس برهانيّاً و إنّما هو وجدانيّ راجع إلى مدركات العقل العملي، و كلّما يطرح فيه من كلام لا بدّ و أن يرجع بروحه إلى تنبيه الوجدان أو دفع الشبهات التي قد تمنع عن الإدراك الفطري السليم، و مما قد يؤثّر في هذا المجال التمثيل بالمولويّات و الحقوق العرفيّة و العقلائيّة، فأنت ترى أنّ ذوي الحقوق العرفيّة متفاوتون في مدى سعة حقوقهم فمنهم من إذا طلب منك حاجةً رأيت لزاماً عليك أن تقضي حاجته، و منهم من إذا اطّلعت على حاجته قبل أن يبرزها رأيت لزاماً عليك أن تقضيها له و إن لم يبرزها لك، و منهم من يكون أعزّ و أرفع شأناً عندك من هذا و ذاك معاً فتجد لزاماً عليك أن تبادر إلى تحقيق كلّ ما تحتمل أنّه بحاجة إليه، فتقدّم إليه الماء لمجرّد احتمال كونه عطشاناً، و تقدّم إليه الطعام لمجرّد احتمال كونه جائعاً و هكذا، فإذا كانت الحقوق العرفيّة و العقلائيّة قد تبلغ إلى حدٍّ يقتضي المبادرة نحو العمل لمجرّد احتمال كونه مطلوباً فما بالك بالحقوق النابعة من المولويّة الذاتيّة للَّه (تبارك و تعالى) الذي خلقنا في أحسن تقويم و أسبغ علينا نعمه ظاهرة و باطنة «وَ إنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» (سورة النحل، الآية 18) فإنّه تبارك و تعالى أحقّ و أجدر بالمبادرة نحو كلّ ما نحتمل تعلّق إرادته به و إن لم يحصل لنا القطع بذلك ما لم يبلغنا إسقاطه هو لهذا الحقّ بترخيصه لنا في ترك ذلك. و قد سُمّي هذا الرأي بنظريّة حقّ الطاعة في مقابل الرأي المعروف القائل بقبح العقاب بلا بيان.

و الواقع أنّ دعوى قبح العقاب بلا بيان ترجع بروحها إلى تضييق دائرة حقّ طاعة اللَّه تبارك و تعالى و اختصاص مولويّته بالتكاليف التي وصل إلينا بيانها بالقطع و اليقين، على كلامٍ في أنّ المقصود بالبيان القطعي هل يختصّ بالبيان القطعي الدالّ على الحكم الواقعي مباشرةً أو يشمل البيان القطعي الدالّ على تعيين حكمٍ ظاهري تجاه الحكم الواقعي المجهول، و على كلا التقديرين سيكون هذا الرأي مستلزماً لعدم شمول حقّ طاعة اللَّه تبارك و تعالى للأحكام الواقعيّة التي لم يصل إلينا بيان قطعي عليها لا مباشرةً و لا بواسطة تعيين حكم ظاهري تجاهها عند الشكّ، و إن ظننّا أو احتملنا صدورها في الواقع ببيانٍ لم يتمّ وصوله إلينا لبعض العوارض و الأسباب، و هذا يعني أنّه تبارك و تعالى ليست له مولويّة علينا في التكاليف الظنيّة و الاحتماليّة ما لم يصل إلينا موقف شرعي تجاهها بالقطع و اليقين، و هذا غير صحيح حسب ما ندركه وجداناً بإدراك العقل العملي من سعة دائرة حقّ طاعة اللَّه تبارك و تعالى و شمول مولويّته للتكاليف الظنيّة و الاحتماليّة أيضاً ما لم يصل إلينا ترخيصٌ من قبله هو تبارك و تعالى في ترك التحفّظ و الاحتياط تجاه الحكم الواقعي المشكوك، و هذا يعني أنّ الأصل العملي العقلي عند الشكّ في التكليف الإلهي يقتضي البناء على الاحتياط لا على البراءة.

و هناك شبهات و اعتراضات قد تخطر بالبال أمام هذه النظرية لا بدّ من معالجتها في مجالٍ أوسع من هذا المقام، و لعلّ أهمّها ما عالجناه بالتفصيل- نقضاً و حلّاً- ضمن الملحق الثالث من الملحقات التي وضعناها في نهاية هذا الجزء من الكتاب، فلاحظ

نام کتاب : دروس في علم الأصول؛ الحلقة الثالثة - ط مجمع الفكر نویسنده : الصدر، السيد محمد باقر    جلد : 1  صفحه : 99
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست