يكون النزاع في أنّ قضية القرينة المضبوطة التي لا يتعدى عنها (1)، إلّا بالأخرى- الدالة على أجزاء المأمور به و شرائطه- هو تمام الأجزاء و الشرائط، أو هما في الجملة، فلا تغفل.
و منها (2): أن الظاهر: أن الصحة عند الكل بمعنى واحد، و هو التمامية و تفسيرها بإسقاط القضاء- كما عن الفقهاء- أو بموافقة الشريعة- كما عن المتكلمين- أو غير
لغوية موضوعة من قبل، و هي الدعاء و القصد و مطلق الإمساك، و أن الشارع المقدس قد أضاف إليها أجزاء و شرائط، و على هذا فألفاظ العبادات مستعملة دائما في معانيها اللغوية؛ و الأجزاء و الشرائط زائدة و مستفادة من القرائن المضبوطة عامة كانت أو خاصة، و المراد من العامة: ما يدل على الأجزاء و الشرائط في الجملة، و من الخاصة: ما يدل على جميع الأجزاء و الشرائط.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم: أنه يمكن أن يقال في تصوير النزاع على مذهب الباقلاني: إن القرينة المضبوطة التي تدل على الخصوصيات الزائدة على المعاني اللغوية هل هي تدل على الخصوصيات الصحيحة أو الأعم منها؛ بمعنى: أن الشارع هل نصب القرينة المضبوطة العامة على إرادة الصحيح و تحتاج إرادة الأعم إلى القرينة الخاصة، أو أنّ الشارع نصب القرينة على إرادة الأعم و تحتاج إرادة الصحيح منها إلى القرينة الخاصة؟
فالصحيحي يقول بالأول و الأعمي بالثاني.
فمحل النزاع هي تلك القرينة لا نفس ألفاظ العبادات؛ بمعنى: أن مقتضى القرينة الدالة على الأجزاء و الشرائط هو تمام الأجزاء و الشرائط أو الأعم من التام و الناقص.
(1) أي: لا يتجاوز عن مقتضى القرينة الأولى إلّا بالأخرى أي: بالقرينة الدالة على أجزاء المأمور به و شرائطه على خلاف الأولى فيقال: هل مقتضى القرينة الأولى هو تمام الأجزاء و الشرائط، كما يقول به الصحيحي. «أو هما في الجملة» كما يقول به الأعمي.
فإذا كان مقتضى القرينة الأولى اعتبار جميع الأجزاء و الشرائط كما هو قول الصحيحي، لا يعدل عنها إلى إرادة الأعم إلّا بالقرينة الأخرى الدالة على الأعم.
[الصحة بمعنى التمامية]
(2) أي: من الأمور التي ينبغي ذكرها قبل أدلة القولين- هو: «أن الظاهر: أن الصحة عند الكل بمعنى واحد و هو التمامية».
و توضيح كون الصحة عند الكل بمعنى واحد يتوقف على مقدمة و هي: أن الصحة عند الفقهاء بمعنى: إسقاط القضاء و الإعادة مخالف مفهوما للصحة عند المتكلمين بمعنى: موافقة الشريعة، و للصحة عند العرف بمعنى: ما يترتب عليه الأثر من اجتماع الصفات من الأجزاء و الشرائط.