المكشوف، فإنه (1) لو لا الثبوت في الواقع، لما كان للإثبات و الكشف و الدلالة مجال، و لذا (2) لا بد من إحراز كون المتكلم بصدد الإفادة في إثبات إرادة ما هو ظاهر كلامه و دلالته (3) على الإرادة، و إلّا (4) لما كانت لكلامه هذه الدلالة، و إن كانت له (5) الدلالة التصورية أي: كون سماعه موجبا لإخطار معناه الموضوع له و لو كان من وراء الجدار أو من لافظ بلا شعور و لا اختيار.
إن قلت: على هذا (6) يلزم أن لا يكون هناك دلالة عند الخطأ و القطع بما ليس بمراد، أو الاعتقاد بإرادة شيء، و لم يكن له من اللفظ مراد.
أن مقام الإثبات أي: العلم بثبوت شيء واقعا لا يعقل بدون ثبوت ذلك الشيء واقعا، و كما أن الكشف عن شيء واقعي لا يعقل بدون وجود المنكشف واقعا، كذلك الدلالة التصديقية- أي: دلالة الكلام على كون المعنى مرادا للمتكلم- لا يعقل بدون الإرادة واقعا. فقوله: «و تتفرع» عطف على «تتبع».
(1) هذا تقريب لتبعية مقام الإثبات للثبوت، و قد عرفت توضيح ذلك.
(2) أي: لأجل تبعية الدلالة التصديقية للإرادة لا بد- في إثبات الدلالة التصديقية، و كون مدلول الكلام مرادا للمتكلم- من إحراز كونه بصدد البيان و لو بالأصل العقلائي، لأنّه إذا أحرز من حال المتكلم أو من الخارج كونه في مقام البيان حصل لكلامه الدلالة التصديقية أي: يدل على كون معناه مرادا فيكون ظاهره حجة.
(3) أي: لا بدّ من إحراز كون المتكلم بصدد الإفادة في دلالة كلامه على الإرادة.
فيكون قوله: «و دلالته» عطفا على قوله: «إثبات».
(4) و إن لم يحرز كون المتكلم في مقام البيان و الإفادة «لما كانت لكلامه هذه الدلالة»، أي: الدلالة التصديقية لكونها متوقفة على إحراز كون المتكلم في مقام البيان.
(5) أي: لكلامه الدلالة التصورية مع العلم بالوضع، فإن الدلالة التصورية بمعنى:
خطور المعنى عند سماع اللفظ لا تتوقف على أزيد من العلم بالوضع، و معه تتحقق هذه الدلالة عند سماع اللفظ «و لو من وراء الجدار أو من لافظ بلا شعور و لا اختيار» كالنائم و الساهي و المجنون.
[الإشكال على كشف الدلالة التصديقية عن الإرادة]
(6) أي: على هذا الذي ذكرت من أن الدلالة التصديقية كاشفة عن الإرادة «يلزم أن لا يكون هناك دلالة» عند فقدان الإرادة عند خطأ المتكلم بأن قال: «زيد قائم»، بدل أن يقول: «زيد نائم»، أو قال: رأيت أسدا و علمنا بأنّه لم يرد رؤية الأسد أعني: الحيوان