فمقتضى الأصل اللفظي أي: إطلاق الأمر إن تمت مقدمات الحكمة هو: عدم الوجوب في الزمن الثاني، و إلّا فالأصل العملي هو البراءة لا استصحاب الوجوب؛ إذ من المحتمل وحدة المطلوب أي: قيدية الفور لأصل المأمور به فيفوت بالتأخير فلا يحرز بقاء الموضوع، و بدونه لا يجري استصحاب الحكم؛ لأن إحراز بقاء الموضوع من شرائط الاستصحاب.
قوله: «فتدبر جيدا» تدقيقي؛ أولا: أنه ظاهر في التدقيق لا في التمريض. و ثانيا: أنه مقيد بقوله: «جيدا» و هو ظاهر في التدقيق و الدقة؛ بمعنى: أن المطالب المذكورة تحتاج إلى الدقة.
خلاصة البحث في المبحث التاسع مع رأي المصنف «(قدس سره)» يتلخص البحث في أمور:
1- يبحث في هذا المبحث عن دلالة الأمر؛ هل إنه يدل على الفور، أو يدل على التراخي، أو يدل على الاشتراك بين الفور و التراخي. و قد سلك الأصوليون إلى هذه المذاهب، و استدلوا بدلائل لا تخلو من الإشكال، و لكن الحق عند المصنف «(قدس سره)»: أنه لا دلالة للصيغة لا على الفور و لا على التراخي و لا على الاشتراك بينهما؛ بل الصيغة إنما تدل على طلب الطبيعة المجردة.
نعم؛ إطلاق الصيغة و خلوها عن جميع القيود يشعر بجواز التراخي؛ إذ لو أراد الآمر الفور لزمه تقييد الأمر بالفورية.
و الحاصل: أنه يجوز حينئذ التراخي، و الدليل على جوازه هو: تبادر طلب إيجاد الطبيعة المحضة من الصيغة بلا دلالة على تقييد الصيغة بأحد القيدين أي: الفور و التراخي، فلا بد في تقييد الصيغة على الفور من دلالة أخرى.
كما ادعى البعض دلالة غير واحد من الآيات على الفور، و استدل على هذا صاحب المعالم بآيتي المسارعة و الاستباق بتقريب: أن المراد بالمغفرة في آية المسارعة هو سببها و هو فعل المأمور به فيجب المسارعة إليه. و كذلك فعل المأمور به من الخيرات فيجب الاستباق إليه بمقتضى آية الاستباق، و من المعلوم: أنه لا يتحقق المسارعة و الاستباق إلّا بإتيان المأمور به فورا و هو المطلوب.
2- (إشكالات ثلاثة) على الاستدلال بآيتي المسارعة و الاستباق على وجوب الفور.
الأول: في هذا المدعى منع ظاهر؛ لأن سياق الآيتين الشريفتين هو البعث و التحريك