نعم (1)؛ إذا كان الآمر في مقام بصدد بيان تمام ما له دخل في حصول غرضه،
و حاصل الكلام في المقام: أنه كلما كان مترتبا على الأمر و منتزعا منه لا يعقل أن يؤخذ إثباتا أو نفيا في الموضوع؛ للزوم الدور المتقدم. مثلا: قصد الوجوب لو اعتبر في موضوع الحكم لزم الدور؛ لأن هذا القصد متوقف على الحكم؛ لأنه ناشئ منه و الحكم متوقف عليه، لأنه مأخوذ في موضوعه.
(1) هذا إشارة إلى الإطلاق المقامي. الفرق بين الإطلاق اللفظي و المقامي: أن الأول:
يجري في قيد قابل للأخذ؛ كالإيمان في الرقبة، و يتوقف على عدم بيان القيد مع كونه في مقام البيان، و لا يحتاج ذلك أي: كونه في مقام البيان إلى الإحراز، بل يكفي عدم إحراز كونه في مقام الإهمال و الإجمال؛ لبناء العقلاء على الحمل على مقام البيان عند الشك. هذا بخلاف الثاني أي: الإطلاق المقامي فإنه يجري حتى في القيد الغير القابل للأخذ؛ كقصد الأمر و نحوه، و يحصل كونه في مقام البيان عند انتفاء القيد، و يحتاج ذلك أي: كونه في مقام البيان إلى إحراز أنه في مقام بيان جميع ما له دخل في غرضه؛ لعدم جريان بناء العقلاء هنا.
و حاصل الكلام في المقام: أنه إذا كان الآمر بصدد بيان ما له دخل في حصول غرضه الداعي إلى الأمر و إن لم يكن دخيلا في متعلق الأمر لامتناع دخله فيه، كقصد القربة و نحوه مما يترتب على الأمر، و يمتنع دخله في المتعلق، و بيّن أمورا و سكت عن غيرها؛ كان ذلك السكوت بيانا لعدم دخل كل ما يحتمل دخله في الغرض؛ سواء أمكن اعتباره في المتعلق أم لا؛ إذ لو لم يكن كذلك لزم نقض الغرض، و هو ممتنع على الحكيم.
فهذا الإطلاق المقامي الذي قد يعبر عنه بالإطلاق الحالي في مقابل الإطلاق اللفظي؛ المعبر عنه بالإطلاق المقالي أيضا مركب من مقدمتين:
الأولى: كون المتكلم في مقام بيان تمام ما له دخل في غرضه؛ و إن لم يكن دخيلا في متعلق الأمر، بخلاف الإطلاق اللفظي، فإن المعتبر فيه هو كون المتكلم بصدد بيان تمام ما له دخل شطرا أو شرطا في المتعلق، و بهذا يمتاز الإطلاق المقامي عن المقالي.
الثانية: عدم البيان، و يمكن إحراز هاتين المقدمتين بالأصل العقلائي، ثم الإطلاق المقامي كاللفظي في الدليلية و الكشف عن الواقع، كما في «منتهى الدراية، ج 1، ص 487».
[المرجع عند الشك في الامتثال هي أصالة الاشتغال]
و حاصل الكلام: أنه إذا كان الإطلاق المقامي موجودا في البين صح التمسك بأصالة الإطلاق؛ حتى تندفع بها جزئية المشكوك للمأمور به أو شرطيته له، فإذا لم ينصب