الوجوب، فإن الندب كأنه يحتاج إلى مئونة بيان التحديد، و التقييد بعدم المنع من الترك؛ بخلاف الوجوب؛ فإنه لا تحديد فيه للطلب و لا تقييد، فإطلاق اللفظ و عدم تقييده مع كون المطلق في مقام البيان كاف في بيانه فافهم (1).
بما هو خارج عن حقيقته، فلا مانع من الركون في بيانه إلى ما يدل على جامع الطلب و هو الصيغة.
(1) لعله إشارة إلى: أن مقتضى مقدمات الحكمة هو الندب لا الوجوب؛ نظرا إلى أن الوجوب يحتاج إلى مئونة التحديد و التقييد بالمنع من الترك؛ و ذلك أن الطلب المستفاد من صيغة الأمر لمّا كان مشتركا بين الوجوب و الندب، و كان الوجوب يحتاج إلى أمر زائد و هو شدة الطلب، كان مقتضى مقدمات الحكمة هو الحمل على الندب، فيبنى على عدم الطلب للوجوب بل للندب.
و يحتمل: أن يكون إشارة إلى ضعف ما ذكر؛ من كفاية إطلاق الطلب في إرادة الندب.
وجه الضعف: أن منشأ اعتبار الوجوب و الندب هو النسبة الطلبية المجردة عن الترخيص في الترك و المقرونة به، و الشدة و الضعف ليسا دخيلين في النسبة، فإن كانت النسبة الطلبية مجردة عن الترخيص في الترك ينتزع العقل منها الوجوب، و إن كانت مقرونة بالترخيص في الترك ينتزع منها الندب. فمقتضى مقدمات الحكمة هو الوجوب لا الندب.
خلاصة البحث مع رأي المصنف «(قدس سره)»
1- قد قال المصنف في المبحث الثاني: إن صيغة الأمر حقيقة في الوجوب، و الغرض من عقد هذا المبحث الرابع: أنه على فرض عدم كونها حقيقة في الوجوب؛ هل تكون ظاهرة فيه لأجل الانصراف أو غيره أم لا؟ قولان: قيل: إنها ظاهرة في الوجوب لأحد أمور:
إما لغلبة الاستعمال. و إما لغلبة وجود الوجوب، و إما لأكملية الوجوب على الندب.
و هذه الوجوه الثلاثة مردودة عند المصنف؛ لمنع الصغرى في الأوليين، و منع الكبرى في الأخير.
2- يقول المصنف: إن صيغة الأمر ظاهرة في الوجوب بمقدمات الحكمة لو كان المتكلم بصدد البيان، فإنها حينئذ تقتضي الوجوب، لأن الندب يحتاج إلى مئونة بيان التحديد و التقييد بعدم المنع من الترك، بخلاف الوجوب حيث لا تحديد فيه لأن المنع من