هل الجمل الخبرية التي تستعمل في مقام الطلب و البعث (1)- مثل: يغتسل، و يتوضأ و يعيد- ظاهرة في الوجوب أو لا؟ لتعدد المجازات فيها، و ليس الوجوب بأقواها (2) بعد تعذر حملها على معناها من الإخبار، بثبوت النسبة و الحكاية عن
في مدلول الجمل الخبرية الواردة في مقام الطلب
(1) قبل البحث ينبغي بيان ما هو محل النزاع في هذا المبحث فنقول: إنه لا شك في ورود الجمل الخبرية في مقام الطلب و البعث في النصوص الشرعية؛ مثل: يغتسل و يتوضأ و يعيد، إلّا إنه قد وقع الخلاف في مقامين، قد أخر المصنف أوّلهما عن الثاني على خلاف النظم الطبيعي:
المقام الأول: طبقا للترتيب الطبيعي هو: أن الجمل الخبرية المستعملة في مقام الطلب و البعث هل هي مستعملة في معناها الحقيقي أعني: الإخبار بثبوت النسبة، أو عدم ثبوتها و لكن لا بداعي الإخبار و الإعلام؛ بل بداعي البعث و التحريك نحو المطلوب الواقعي، أو هي مستعملة في إنشاء الطلب و لو مجازا؟ «فيه وجهان» بل قولان و قد ذهب المصنف إلى الأول حيث قال: «بل تكون مستعملة فيه إلّا إنه ليس بداعي الإعلام ...» إلخ. و المشهور هو الثاني.
المقام الثاني: أن الجمل الخبرية المستعملة في مقام الطلب و البعث، سواء قلنا: باستعمالها فيما هو معناها الحقيقي، أم في إنشاء الطلب و لو مجازا؛ هل هي ظاهرة في الوجوب أم لا؟
ذهب المصنف إلى الأول. حيث قال: «الظاهر الأول، بل تكون أظهر من الصيغة». هذا تمام الكلام في تحرير محل النزاع فنقول: إن القائلين في المقام الأول باستعمالها في إنشاء الطلب و لو مجازا اختلفوا على قولين: قول بظهورها في الوجوب لوجوه؛ أوجهها أن الوجوب أقرب المجازات؛ بعد كون كل من الوجوب و الندب و الإباحة معنى مجازيا لها. و قول:
بالتوقف نظرا إلى أن الأقربية اعتبارية غير موجبة لظهور اللفظ فيه.
«و أما القائلون» في المقام الأول باستعمالها فيما هو معناها الحقيقي، لكن لا بداعي الإخبار و الإعلام، بل بداعي البعث و التحريك فهم أيضا بين من يقول بالتوقف كصاحب البدائع. و بين من يقول: بظهورها في الوجوب كالمصنف، بل يقول: إنها أظهر في الوجوب من الصيغة، فإنه أخبر بوقوع المطلوب في مقام طلبه إظهارا بأنه لا يرضى إلا بوقوعه، فيكون ظهوره في البعث آكد من ظهور الصيغة.
(2) أي: ليس الوجوب بأقوى المجازات. هذا إشارة إلى القول بالتوقف.