لا يبعد كون لفظ الأمر حقيقة في الوجوب؛ لانسباقه عنه عند إطلاقه،
2- أن القول: بكفاية الاستعلاء في صدق الأمر- و ذلك لصدق الأمر على طلب السافل- مردود لعدم الدليل عليه أولا، و صحة سلب الأمر عنه ثانيا.
3- أن إطلاق الأمر على طلب السافل ليس على نحو الحقيقة بل على نحو المجاز؛ لأن الاستعمال أعم من الحقيقة.
فإن قلت: إنه لا بد من العلاقة التي تصحح المجازية و هي مفقودة في المقام.
قلت: إن العلاقة هي علاقة المشابهة؛ إذ كل واحد من طلب العالي و السافل مشابه للآخر في كونه طلب الفعل عن الغير، و المصنف لم يتعرض لبعض الأقوال أصلا؛ لأن حال بعض الأقوال يعلم من اختياره القول الأوّل في معنى الأمر؛ و هو اعتبار العلو الواقعي في صدق الأمر.
في كون الأمر حقيقة في الوجوب
(1) هذه الجهة هي المطلب الثالث؛ من المطالب التي ذكرت إجمالا في أول البحث.
و عرفت في الجهة الثانية: أن الأمر معناه الطلب من العالي، و لكن لم يعلم: أنه هل هو خصوص الطلب الإلزامي و الذي يكون بنحو الوجوب، أو الأعم منه و من الطلب الندبي، أو أنه خصوص الطلب الندبي.
و الغرض من عقد هذه الجهة الثالثة هو تفصيل: ما أجمله المصنف في الجهة الثانية، و بيان أن الأمر حقيقة في خصوص الطلب الوجوبي.
و كيف كان؛ فقد ذهب المصنف إلى أن لفظ الأمر حقيقة في الوجوب؛ مستدلا على ذلك بوجهين:
الأول: تبادر الوجوب من الأمر. و قد أشار إليه بقوله: «لانسباقه عنه عند إطلاقه» أي: لانسباق الوجوب عن لفظ الأمر عند الإطلاق، و الانسباق هو التبادر المثبت للوضع.
الثاني: هو صحة الاحتجاج على العبد، و مؤاخذته بمجرد مخالفة الأمر؛ كما أشار إليه بقوله الآتي: «و صحة الاحتجاج على العبد ...» إلخ، ثم أيّده ببعض الاستعمالات التي نوقش في دلالتها في الكتب المبسوطة؛ و لذلك جعلها تأييدا و مقربا لا دليلا و شاهدا.