فلا يكون الطلب من السافل أو المساوي أمرا، و لو أطلق عليه (2): كان بنحو من
في اعتبار العلو في معنى الأمر
(1) هذا هو المطلب الثاني من المطالب التي تقدم ذكرها إجمالا في بداية البحث.
و الغرض من عقد الجهة الثانية هي: الإشارة إلى وجوه، بل أقوال فيما هو ملاك صدق الأمر، و بيان ما هو الحق عند المصنف من تلك الوجوه و الأقوال فنقول في تفصيل ذلك: إن في المسألة وجوه، بل أقوال:
الأول: اعتبار العلو في صدق الأمر فليس طلب السافل أو المساوي أمرا.
الثاني: اعتبار الاستعلاء، فليس طلب الخافض جناحيه أمرا و إن كان من العالي.
الثالث: اعتبار العلو و الاستعلاء جميعا، فلا يكون الطلب من الخافض جناحيه أمرا و إن كان عاليا.
الرابع: اعتبار أحدهما: إما العلو و إما الاستعلاء، على سبيل منع الخلو.
الخامس: عدم اعتبار شيء منهما، بل مطلق الطلب أمر؛ سواء صدر من العالي أم صدر من المساوي، أم صدر من السافل مع عدم الاستعلاء. و المصنف اختار القول الأول حيث قال: «الظاهر اعتبار العلو في معنى الأمر، فلا يكون الطلب من السافل أو المساوي أمرا».
و خلاصة الكلام في المقام: أن المصنف ادعى بأن الأمر هو خصوص الطلب من العالي، فالطلب من العالي- و لو كان مستخفضا لجناحيه- يعدّ أمرا، و استدل على دعواه: بظهور ذلك عرفا؛ فإنه إذا قيل: «أمر زيد عمروا بكذا» يفهم منه و يتبادر: أن زيدا له العلو على عمرو و لو كان السامع لا يعرف زيدا و لا عمروا. و من هنا يعلم: أن ملاك صدق الأمر وجود جهة العلو في الآمر، فلا يكون الطلب من الشخص السافل أو الشخص المساوي أمرا.
(2) أي: لو أطلق الأمر على طلب السافل أو المساوي رتبة- بحيث لا يكون له علوّ عقلا و لا شرعا و لا عرفا- كان الإطلاق بنحو من العناية و المجاز؛ و ذلك للمشابهة في الصورة. نعم؛ جرى اصطلاح النحاة على تسمية مطلق ما كان بصيغة «افعل» بالأمر.