و أما بحسب الاصطلاح: فقد نقل الاتفاق على أنه حقيقة في القول المخصوص، و مجاز في غيره (1)، و لا يخفى: أنه (2) عليه لا يمكن منه الاشتقاق، فإن معناه- حينئذ- لا يكون معنى حدثيّا، مع أن الاشتقاقات منه- ظاهرا- تكون بذلك المعنى المصطلح عليه بينهم، لا بالمعنى الآخر، فتدبر (3).
و يمكن (4) أن يكون مرادهم به هو الطلب بالقول لا نفسه (5) تعبيرا عنه (6) بما يدل عليه.
هذا بحسب العرف و اللغة.
«و أما بحسب الاصطلاح» أي: اصطلاح الأصوليين: فقد نقل الاتفاق على أن لفظ الأمر حقيقة ثانوية في القول المخصوص و هو صيغة- افعل- و مجاز في غيره. هذا ما أشار إليه بقوله:
«و أما بحسب الاصطلاح ...» إلخ أي: بحسب الاصطلاح المتداول في ألسنة الأصوليين.
(1) أي: مجاز في غير القول المخصوص.
(2) أي: لا يخفى عليك: أن الأمر بناء على كونه حقيقة في القول المخصوص لا يصح منه الاشتقاق.
توضيح إيراد المصنف على المعنى الاصطلاحي للأمر يتوقف على مقدمة و هي: أن مبدأ الاشتقاق في المشتقات لا بد من أن يكون معنى حدثيّا قابلا للتصرف و التغيير؛ فلا يصح الاشتقاق من معنى جامد.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم: أنه على هذا لا يكون معنى الأمر حدثيا، بل يكون جامدا نظير الجملة و المفرد و الكلمة و الكلام؛ فإنها غير قابلة لأن تشتق منها المشتقات، فحينئذ لا يصح الاشتقاق من الأمر بالمعنى الاصطلاحي، و هذا يتنافى مع ثبوت الاشتقاق منه الظاهر كونه بلحاظ ما له من المعنى المصطلح عندهم.
(3) لعله إشارة إلى منع الظهور المزبور، فيمكن تصحيح دعوى الاتفاق المذكور، و الالتزام بكون مبدأ الاشتقاق هو الأمر بمعنى آخر أو إشارة إلى أن لفظ الأمر المصطلح مصدر؛ بمعنى: التلفظ بلفظ دال على الطلب من حيث صدوره عن المتكلم، فيكون معنى لفظ الأمر معنى حدثيّا قابلا للاشتقاق منه.
(4) أي: يمكن أن يكون مراد الأصوليين بالأمر هو الطلب بالقول، فيكون معناه حدثيّا يصح الاشتقاق منه.
(5) أي: ليس المراد من الأمر نفس القول المخصوص حتى لا يصح الاشتقاق منه كما عرفت.
(6) أي: تعبيرا عن الطلب بما يدل عليه و هو القول المخصوص مجازا؛ من باب