تدوين علمين و تسميتهما باسمين، بل تدوين (1) علم واحد. يبحث فيه تارة: لكلا المهمين (2) و أخرى: لأحدهما (3)، و هذا (4) بخلاف التداخل في بعض المسائل، فإن حسن تدوين علمين- كانا مشتركين في مسألة، أو أزيد- في جملة مسائلهما المختلفة، لأجل مهمين، مما (5) لا يخفى.
و قد انقدح بما (6) ذكرنا: أن تمايز العلوم إنّما هو باختلاف الأغراض الداعية إلى
(1) أي: لأنّ تدوين علم واحد كاف في حصول الغرضين؛ و ذلك لمكان تلازمهما.
(2) أي: كالبحث عن النحو و الصرف؛ نظرا إلى القدر الجامع بينهما و هو: معرفة أحوال اللغة العربية.
(3) أي: النحو فقط؛ بمعنى: يبحث فيه لمعرفة أحوال الكلم إعرابا و بناء لغرض حفظ اللسان عن الخطأ.
(4) قوله: «هذا» إشارة إلى ما مضى من تدوين علم واحد فيما إذا كان هناك مهمان متلازمان.
(5) قوله: «مما لا يخفى» خبر لقوله: «فإن حسن ...» و من هنا أخذ المصنف «(قدس سره)» يجيب عما مضى بما يحكم به العقل و العقلاء، فالملاك في صحة تدوين علم واحد أو علمين هو تحسين العقلاء و تقبيحهم، فهم يحكمون بحسن تدوين علمين في مورد تداخل علمين في بعض المسائل و قبحه في مورد التداخل في تمام المسائل، بل هنا يحكمون بتدوين علم واحد.
فحاصل الكلام: أنّه لا يكاد يصح لأجل تلازم المهمين تدوين علمين، بل يدوّن علم واحد، و يسمى باسم واحد.
[تمايز العلوم بالأغراض لا بالموضوعات]
(6) المراد بالموصول أي: ما في قوله: «بما ذكرنا» ما ذكره في تعريف المسائل حيث قال: «جمعها اشتراكها في الدخل في الغرض» و مفاده: أنّ الجامع بين المسائل اشتراكها في الدخل في الغرض؛ الموجب لتحسين العقلاء تدوين علمين أو علوم متعددة لغرضين أو أغراض متعددة، و إن كانت القضايا التي تترتب عليها الأغراض المختلفة متحدة موضوعا و محمولا، و تقبيحهم تدوين علمين مع وحدة الغرض، أو التلازم بين غرضين و إن كان موضوع المسائل مختلفا؛ إذ قد علمت: تحسينهم جعل المسائل المختلفة موضوعا و محمولا علما واحدا لدخلها في الغرض الداعي للتدوين، و إدراج المسألة الواحدة في علمين لدخلها في غرضين؛ من دون تكلّف إرجاع الموضوعات أو المحمولات إلى جامع واحد، و لازم ذلك: أنّ تمايز العلوم إنما هو بالأغراض لا بالموضوعات، و لا بالمحمولات؛ و إلّا لزم كون كل باب، بل كل مسألة علما على حدة، لأن الملاك في تعدد العلوم