فيه، و حصول الحنث بفعلها، و لو كانت الصلاة المنذور تركها خصوص الصحيحة، لا يكاد يحصل به الحنث أصلا، لفساد الصلاة المأتي بها لحرمتها، كما لا يخفى، بل يلزم المحال.
فإن النذر (1) حسب الفرض قد تعلق بالصحيح منها، و لا يكاد يكون معه (2) صحيحة، و ما يلزم من فرض وجوده عدمه محال.
قلت: لا يخفى: أنه لو صح ذلك (3)، لا يقتضي إلّا عدم صحة تعلق النذر
الأول: انعقاد النذر و شبهه- العهد و اليمين- إذا تعلق بترك الصلاة في مكان تكره فيه، كالصلاة في الحمام و المقابر و غيرهما.
الثاني: حصول الحنث بفعل الصلاة في ذلك المكان الذي تعلق النذر بترك الصلاة فيه كالحمام مثلا.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم: أنّنا نستكشف من التسالم عليهما كون لفظ الصلاة موضوعا للأعم لا للصحيح، إذ لو كان موضوعا للصحيح لكان المنذور تركه هو الصلاة الصحيحة، و هو باطل لأمرين:
الأول: عدم حصول الحنث أصلا بفعلها في ذلك المكان؛ و ذلك لفساد الصلاة المأتي بها لتعلق الحرمة بها بعد النذر، فلا يكون المأتى به هو المنذور تركه، فلا يحصل الحنث.
الثاني: يلزم المحال، لأن الصلاة المنذور تركها هي الصحيحة، و بالنذر صارت فاسدة لدلالة النهي في العبادة على الفساد و الحرمة، فلا يمكن فعلها على وجه صحيح فينحل النذر لخروج الصلاة بسبب هذا النهي المفسد للعبادة عن متعلق النذر- و هو خصوص الصحيح- فيلزم من وجود النذر عدمه، و استلزام وجود الشيء لعدمه محال.
(1) قوله: «فإن النذر» ... إلخ بيان للمحال و قد عرفته، فلا حاجة إلى التكرار و الإعادة.
(2) أي: لا تكون الصلاة مع تعلق النذر بها صحيحة كما عرفته مفصلا.
(3)
قد أجاب المصنف عن الاستدلال المذكور بجوابين:
الأول: ما أشار إليه بقوله: «أنه لو صح ذلك» أي: لو صح ذلك الاستدلال، لكان لازم ذلك: عدم تعلق النذر بالصحيح لاستلزامه ما ذكرناه من الإشكالين؛ و لكن ليس مقتضاه وضع اللفظ شرعا للأعم كما هو المدعى.
و ملخصه: أن مقتضى لزوم المحذورين عدم تعلق النذر بالصحيح لا عدم الوضع لها.
و الجواب الثاني: ما أشار إليه: «مع إن الفساد من قبل النذر لا ينافي صحة متعلقه».