اقول: و مما ذكرنا يظهر النظر فيما افاده بقوله «فالاولى الخ» لان التعبير عن الاحتياط في العمل بالتوقف انما يحسن في خصوص الشبهة التحريمية، لانها هي التى يحسن فيها التوقف، اعنى السكون و عدم الحركة الى الفعل، دون غيرها كما لا يخفى.
و هنا امور يجب التنبيه عليها
[تخيير الحاكم و المفتي و المقلّد في المتعارضين]
احدها: ان التعارض ان وقع للحاكم في مدرك حكمه فهو يتخير احد الخبرين و يحكم على طبقه، لان فصل الخصومة عمل القاضى، فالتخيير له لا للمترافعين، و ان وقع للمفتى ففى عمل نفسه ايضا يختار احدهما و يعمل على طبقه، و اما في عمل المقلد فهل يختار احدهما ايضا او يجب الافتاء بالتخيير وجهان:
الاقوى الثاني، لان الاحكام الظاهرية كالواقعية مجعولة للمجتهدين و المقلدين، و ليس في ادلة الاحكام الظاهرية ما يظهر منه اختصاصها بالمجتهدين، و القول بان العمل باحد الخبرين عند التعارض او بأقواهما ليس إلّا وظيفة للمستنبط، و لا معنى لثبوت ما يتعلق بالاستنباط من الاحكام للعامى الغير القادر على الاستنباط، مدفوع، بان ما هو وظيفة المستنبط فهم التعارض بين الخبرين، و تساويهما، او كون احدهما اقوى، و اما العمل على طبق الاقوى او احدهما فليس بشيء يختص بالمجتهد، لان هذا العمل ليس إلّا كالعمل باصل الواقعيات الاولية التي يشترك فيها جميع العباد، و ان لم يكن للمقلد طريق اليها إلّا فهم مجتهده.
و الحاصل ان الاحكام المتعلقة بالموضوعات سواء كانت واقعية ام ظاهرية حال المجتهد و المقلد بالنسبة اليها سواء، و الذي يختص بالمجتهد و لا حظّ للمقلد فيه فهم تلك الاحكام و تشخيص مواردها من طريق النظر [1]، فلا تغفل.
[1] نعم يمكن ان يقال بالخيار للمجتهد بين ان يأخذ بنفسه احد الخبرين و يفتي بمضمونه-