نعم لما علم انه حكم ظاهرى للتوصل الى الواقع علم انه ليس مجعولا للعالم باصل الواقع، لا انه مقيد بعدم العلم بالحكم الفعلى، و ان كان مدلولا لدليل او اصل آخر.
و بعبارة اخرى: دليل الاستصحاب جعل الحكم معلقا على الشك الظاهر في الشك في الحكم الفعلى، و اوجب النقض بيقين آخر، و هو ظاهر ايضا في اليقين بالحكم الفعلى و ان كان مستفادا من الادلة المعتبرة، بخلاف دليل اعتبار الطرق، فانه اعتبرها مطلقا، غاية الامر هو مقيد عقلا بما اذا لم يعلم اصل الواقع، و حينئذ فالاخذ بالطرق رافع لموضوع الاستصحاب حقيقة بخلاف العكس.
و كيف كان فلا ارى بدّا مما سبق من ان الشك المأخوذ في الاستصحاب و ساير الاصول بمعنى عدم الطريق، فيرتفع هذا الموضوع بوجود كلّ ما اعتبر طريقا على نحو الاطلاق، هذا.
تنبيه: لا ندعى أن لفظ اليقين في الخبر استعمل في معنى الطريق المعتبر مطلقا، و لا ان الشك استعمل في عدم الطريق كذلك، حتى يلزم المجاز في الكلمة، بل نقول: ان الظاهر أن الخصوصية المذكورة ملغاة في موضوع الحكم، و هو غير عزيز في القضايا، كما لا يخفى.
السادسة: تعارضه مع ساير الاصول العملية مثل البراءة و الاحتياط و التخيير.
و محصل الكلام في المقام: ان كل ما كان مما ذكر مدركه العقل فلا اشكال في ورود الاستصحاب عليه، لارتفاع موضوعه بسببه، لان حكم العقل بالبراءة معلق على عدم بيان من جانب الشرع، و حكمه بالاحتياط معلق على عدم وجود المؤمّن، و حكمه بالتخيير معلق على عدم ما يرفع به التحير من قبل الشارع، و لا فرق فيما ذكر بين الاحكام الواقعية و الظاهرية، و هذا واضح.