و بعبارة أخرى ليس العصير بعد الغليان محكوما بالحرمة بحسب الدليل شرعا مع قطع النظر عن الشك حتى يكون حاكما على ما يقتضى اباحته بملاحظة الشك، بل الحكم بالحرمة انما جاء من حكم العقل بفعلية الحكم المعلق عند تحقق ما علق عليه [1]، و المفروض ان الحكم المعلق ايضا حكم مجعول للشاك، فيصير فعليا للشاك ايضا بحكم العقل، فتدبر.
و مما ذكرنا يظهر ما في كلام شيخنا الاستاذ «دام بقاه» [2] من تصحيح الحكومة بكون اللازم من اللوازم العقلية للاعم من الواقعي و الظاهري.
نعم لو قلنا بتقديم الاصل في الشك في السبب من جهة تقدمه على الشك في المسبب طبعا و ان لم يكن من آثار الاصل الجاري في السبب رفع الشك عن المسبب شرعا صحت الحكومة هنا، و سيجىء ان شاء اللّه عند ذكر تعارض الاصلين زيادة توضيح للمطلب، فانتظر.
[الأمر السادس:] [في استصحاب حكم الشريعة السابقة]
الامر السادس: لو شك في بقاء الحكم الثابت في الشريعة السابقة فهل يحكم
[1] يمكن منع كونه من حكم العقل و انما نشأ من حكم الشرع، بمعنى ان الارادة التعليقية اذا انقدحت في نفس الآمر او الفاعل و ان كانت على المختار قبل حصول المعلق عليه متصفة بالوجود الفعلي، لكنها عارية عن وصف الفاعلية و محركية العضلات، و انما يتحقق فيها هذه الصفة بعد حصوله، فهذه الصفة امر نفساني لها واقع محفوظ يدركه العقل، و ليس من انشاءات العقل، و على هذا فنقول: الاصل المثبت للحكم التعليقي مثبت لوصف الفاعلية بعد المعلق عليه بلسان الدليلية، و الاصل النافي لوصف الفاعلية لا ينفى الحكم التعليقي بذلك اللسان، بل بلسان التخصيص و رفع الحكم الاستصحابي عن موضوعه الذي هو الشك، فلهذا يكون الاصل المثبت في مقامنا مقدما على النافي، من باب تقدم التخصّص على التخصيص. (م. ع. مدّ ظلّه).