اقول: لما كانت المسألة مبتنية على مقدمية ترك الضد لفعل ضده [1] فاللازم التكلم فيها فنقول: هل ترك الضد مقدمة لفعل ضده، او فعله مقدمة لترك ضده، او كل منهما مقدمة للآخر، او لا توقف في البين؟
و المعروف من تلك الاحتمالات هو الاول* 40 و الاخير فلا نتعرض لغيرهما، و ستطلع على بطلانه في اثناء البحث، و القائل بتوقف فعل الضد على ترك ضده الآخر إمّا ان يقول مطلقا كما عليه جل ارباب هذا القول، او يفصل بين الرفع و الدفع، بمعنى انه لو كان الضد موجودا و اراد ايجاد الآخر يتوقف ايجاده على رفع ضده، و ان لم يكن موجودا و اراد ايجاد ضده لم يكن موقوفا على ترك الضد.
[1] يمكن ان يقال بمنع الابتناء، بمعنى انا و ان انكرنا المقدمية يمكن ان نقول باقتضاء الامر بالشيء للنهى عن الضد الخاص، بتقريب انا اذا راجعنا وجداننا نجد من انفسنا انه اذا اردنا فعلا نترك اضداده بارادة منا و اختيار، بحيث يصح المؤاخذة على ذلك الترك، و لو لم يكن مسبوقا بالارادة و الاختيار لما صح، و بالجملة نجد الملازمة بين ارادة الشيء و ارادة ترك اضداده الخاصة، كما نجد الملازمة بين ارادة الشيء و ارادة مقدماته، أ لا ترى انك لو اردت الخلوة مع احد و كان عندك شخص آخر فانك تتوسل الى قيامه من المجلس باى وسيلة امكنت، و على هذا فنقول: ان كان حال ارادة الآمر حال ارادة الفاعل بعينها لزم القول بهذه الملازمة في الاولى ايضا، و لكن قد عرفت منع المقايسة المذكورة «منه».