وَذلِكَ أنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوف وَالنَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ دُعاءٌ إلى الإسْلامِ مَعَ رَدِّ الْمَظالِمِ وَمُخالَفَةِ الظّالِمِ ، وقِسْمَةِ الْفَيء وَالْغَنائِمِ وَأَخْذِ الصَّدَقاتِ مِنْ مَواضِعِها ، وَوَضْعِها في حَقِّها .
ثُمَّ أنْتُمْ ـ أيُّها العِصابَةُ ـ عِصابَةٌ بِالْعِلْمِ مَشْهُورَةٌ ، وَبالْخَيْرِ مَذْكُورَةٌ ، وَبالنَّصيحَةِ مَعْرُوفَةٌ ، وَبِاللهِ في أَنْفُسِ النّاسِ مَهابَةٌ يَهابُكُمُ الشَّريفُ ، وَيُكْرِمُكُمُ الضَّعيفُ ، وَيُؤْثِرَكُمْ مَنْ لا فَضْلَ لَكُمْ عَلَيْهِ وَلا يَدَ لَكُمْ عِنْدَهُ ، تَشْفَعُونَ فِي الْحَوائِجِ إِذا اِمْتَنَعَتْ مِنْ طُلاّبِها ، وَتَمْشُونَ فِي الطَّريقِ بِهَيْبَةِ المُلُوكِ وَكَرامَةِ الأَكابِرِ ، أَلَيْسَ كُلُّ ذلِكَ إِنَّما نِلْتُمُوهُ بِما يُرْجى عِنْدَكُمْ مِنَ الْقيامٍ بِحَقِّ اللهِ ، وَإنْ كُنْتُمْ عَنْ أَكْثَرِ حَقِّهِ تَقْصُرُونَ ، فَاسْتَخْفَفْتُمْ بِحَقِّ الأئِمَةِ ، فَأَمّا حَقُّ الضُّعَفاء فَضَيَّعْتُمْ ، وَأَمّا حَقُّكُمْ بِزَعْمِكُمْ فَطَلَبْتُمْ ، فَلا مالَ بَذَلْتُمُوهُ ، وَلا نَفْساً خاطَرْتُمْ بِها لِلَّذي خَلَقَها ، وَلا عَشيرَةً عادَيْتُمُوها في ذاتِ اللهِ ، أَنْتُمْ تَتَمَنَّونَ عَلَى اللهِ جَنَّتَهُ وَمُجاوَرَةَ رُسُلِهِ وَأَمانَهُ مِنْ عَذابِهِ .
لَقَدْ خَشيتُ عَلَيْكُمْ ـ أَيُّها المُتَمَنُّونَ عَلَى اللهِ ـ أَنْ تُحِلَّ بِكُمْ نِقْمَة مِنْ نَقِماتِهِ ؛ لأَنَّكُمْ بَلَغْتُمْ مِنْ كَرامَةِ اللهِ مَنْزِلَةً فُضِّلْتُمْ بِها ، وَمَنْ يُعْرَفْ باللهِ لا تُكْرِمَونَ وَأَنْتُمْ بِاللهِ في عِبادِهِ تُكْرَمُونَ ، وَقَدْ تَرَوْنَ عُهودَ اللهِ مَنْقُوضَةً فَلا تَقْرَعُونَ ، وَأَنْتُمْ لِبَعْضِ ذِمَمِ آبائِكُم تَقْرَعُونَ وَذِمَّةُ رَسُولِ اللهِ مَحْقُورَةٌ ، وَالْعُمي وَالْبُكْمُ والزَّمِنَ فِي المَداينِ مُهْمَلَةٌ لا يُرْحَمُونَ ، وَلا في مَنْزِلَتِكَمْ تَعْمَلُونَ ، وَلا مَنْ عَمِلَ فيها تَعْتَبُونَ ، وَبِالإِدْهانِ وَالْمصانَعَةِ عِنْدَ الظَّلمَةِ تَأْمَنُونَ ، كُلُّ ذلِكَ مِمّا أمَرَكُمُ اللهُ