و الغرض من طول البحث في المقام بيان قوّة كلام المحقّق [من عدم اشتراط الكرّية في مادة الحمّام]- و إن كان الأحوط خلافه إن لم يكن أقوى- فيكتفى بكرّية مجموع ما في الحياض و المادة بالنسبة إلى دفع النجاسة.
و يشترط كرّية المادة في رفع النجاسة عن الحياض. و أحوط من ذلك اشتراط كرّية المادة بالنسبة إليهما معاً، و إن كان القول به ضعيفاً بالنسبة إلى ما تقدّم، فتأمّل جيّداً، و اللّٰه أعلم بحقيقة الحال.
[زوال تغيّر الجاري]:
(و لو مازجه) أي الجاري و ما في حكمه (طاهر فغيّره) لوناً أو طعماً أو رائحة (أو تغيّر من قِبل نفسه) من غير ممازجة لشيء (لم يخرج عن كونه) طاهراً (مطهّراً ما دام إطلاق الاسم باقياً[1](1)
3- و ربّما يرشد إليه أيضاً كراهية الطهارة بالماء الآجن [3] إذا وجد غيره.
4- و لعدم انفكاك السقاء أوّل استعماله من التغيّر، و لم ينقل عن الصحابة الاحتراز منه.
و قد قيل أيضاً: إنّ الصحابة كانوا يسافرون و غالب أوعيتهم الأديم [4] و هو يغيّر الماء [5]. فلا ينبغي الالتفات إلى ما في النبوي:
[ «خلق الماء طهوراً لا ينجّسه شيء إلّا ما غيّر لونه أو طعمه أو ريحه» [6]] و نحوه ممّا دلّ على حصول النجاسة بكلّ شيء يغيّره.
قال في المنتهى: «متى كان التغيّر بملاقاة جسم طاهر، و لم يسلبه إطلاق الاسم فهو باقٍ على طهارته و يصلح التطهير به إجماعاً، إن لم يمكن التحرّز منه كالطحلب و ما ينبت في الماء و ما يتساقط من ورق الشجر النابت فيه ...
إلى أن قال: أمّا لو امتزج بما يمكن التحرّز منه كقليل الزعفران؛ فإنّه باقٍ على أصله في الطهورية إجماعاً منّا». ثمّ نقل خلاف الشافعي و مالك في ذلك [7].
ثمّ قال فيه أيضاً: «لو كان تغيّر الماء لطول بقائه، فإن سلبه إطلاق الاسم لم يجز الطهور به، و لا يخرج عن كونه طاهراً، و إلّا فلا بأس و لكنّه مكروه، و لا خلاف بين عامّة أهل العلم في جواز الطهارة به إلّا ابن سيرين» 8.
5- و قد يرشد إلى الطهارة فيما نحن فيه: ما نقل من الإجماع [9] على عدم حصول النجاسة بالتغيّر بالمجاورة لها من ريح أو غيره، و لا ريب أنّ ما نحن فيه أولى. و كأنّ المسألة غير محتاجة إلى طول البحث.