نعم، يقع الإشكال فيما إذا نوى غسلها بالإدخال أو بالمكث ثمّ أخرجها، و الأقوى في النظر كونه ماء جديداً (1). و الظاهر أنّ المراد بما بقي في اليد إنّما هو بعد تمام الغسل و إن كرّر إمرار يده على العضو استظهاراً (2). بل قد يدّعى أنّ ما يفعله زائداً على الاستظهار الشرعي لا بأس به، فتأمّل جيّداً، و اللّٰه أعلم.
[حكم ما لو جفّ باطن اليد]:
(و لو جفّ ما على) باطن (يديه[1]) أو مطلقاً من الظاهر و الباطن على اختلاف الوجهين كما تقدّم (أخذ من لحيته) و لو من المسترسل طولًا أو عرضاً (أو أشفار[2]عينيه) و غيرها من محالّ الوضوء (3). بل قد يكون غيرها أولى من مسترسل اللحية (4).
(1) إذ لا يصدق بقاء شيء من بلّة الوضوء.
و ما يقال: إنّ العرف شاهد على صدق بقاء البلّة و أنّ ذلك كلّه غسل واحد، ممنوع.
(2) لكون الاستظهار مطلوباً شرعاً و إن لم يكن واجباً، مع أنّ المعلوم من علماء الأعصار في سائر الأمصار عدم تحديد ذلك، و عدم التربّص و التأمّل في [أنّها الباقية بعد] تمام الغسل الواجب.
(3) و تخصيص اللحية و الأشفار بالذكر لكونها مظنّة بقاء الماء، و إلّا فلا فرق بينها و بين غيرها من محالّ الوضوء.
(4) لما عرفت من الإشكال في الدليل على استحبابه. و احتمال القول بجواز الأخذ منه و إن لم نقل باستحباب غسله تمسّكاً بظواهر الأخبار في المقام و إن كان ممكناً لكنّه بعيد؛ لأنّ الظاهر منها إرادة نداوة الوضوء، و هو لا يدخل تحتها على تقدير عدم استحباب غسله.
و ما يقال: إنّ الماء الذي على مسترسل اللحية هو ماء غسل الوجه فهو بلل الوضوء و إن لم نقل باستحباب غسله، ففيه:
[أوّلًا]: مع أنّه لا يشمل جميع صور الدعوى؛ إذ قد يغسل المسترسل بماء غير ماء الوجه. [ثانياً]: أنّ المراد من ماء الوضوء الباقي في محالّه، و إلّا فلا يجتزى بالمسح بالمجتمع من ماء الوضوء في إناء و نحوه. و الحجّة فيما ذكره المصنّف:
2/ 190/ 339
1- بعد ظهور الاتّفاق عليه سيّما بين المتأخّرين، و ما عساه يظهر من بعض عبارات القدماء- كسلّار في المراسم [3] و غيره- من الخلاف في ذلك؛ لاقتصارهم في ذكر الواجب في الوضوء على المسح بالبلّة الباقية في اليد، ليس خلافاً؛ إذ الظاهر أنّ مرادهم من ذلك التعريض في ردّ ابن الجنيد و العامّة. و مثله ما في الانتصار، قال: «ممّا انفردت به الإمامية: القول بأنّ مسح الرأس يجب ببلّة اليد، فإن استأنف ماء جديداً لم يجزئه، حتى أنّهم يقولون: إذا لم يبقَ في اليد بلّة أعاد الوضوء- إلى أن قال:- و الذي يدلّ على صحّة هذا المذهب مضافاً إلى طريقة الإجماع» [4] انتهى. فإنّ الظاهر أنّ مراده بقوله: «إنّهم يقولون ... إلى آخره» نفي الماء الجديد، و يحتمل أن يكون مرادهم ب«ما بقي في اليد» إنّما هو بلّة الوضوء. و لعلّه لما ذكرنا [من عدم كونه خلافاً] نسب الحكم المذكور في كشف اللثام إلى قطع الأصحاب [5]، بل في المعتبر- في بحث الموالاة- نقل الاتّفاق على أنّ ناسي المسح يأخذ من شعر لحيته و أجفانه و إن لم يبق في يده نداوة [6]، بل لم أجد أحداً من المتأخّرين نقل خلافاً فيه ممّن عادته التعرّض لمثله.