جو منها: المصرّحة بأنّه لا يجزي غيره، كقول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيحة زرارة: «و يجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار، بذلك جرت السُنّة [من رسول اللّٰه (صلى الله عليه و آله و سلم)، و] أمّا البول ف [إنّه] لا بدّ من غسله» [4]. و قوله (عليه السلام) أيضاً في رواية بريد بن معاوية:
خلافاً للشافعي، فاجتزى بغير الماء من التمسّح بالأحجار [6].
و ما تقدّم عن المرتضى (رحمه الله) سابقاً من الاجتزاء بالمضاف لعلّه لا يقول به في المقام؛ لعدم استثنائه من الإجماع، و إلّا فهو محجوج بما تقدّم. و أمّا ما في رواية سماعة قال: قلت لأبي الحسن موسى (عليه السلام): إنّي أبول ثمّ أتمسّح بالأحجار، فيجيء منّي البلل ما يفسد سراويلي، قال: «ليس به بأس» [7]. و موثقة حنّان قال: سمعت رجلًا سأل أبا عبد اللّه (عليه السلام) فقال: إنّي ربّما بلت فلا أقدر على الماء و يشتدّ ذلك عليّ؟ فقال: «إذا بلت و تمسّحت فامسح ذكرك بريقك، فإن وجدت شيئاً فقل: هذا من ذاك» [8]. فهما- مع الغضّ عمّا في السند- معرض عنهما بين الأصحاب؛ لما قد عرفت من الإجماع المحصّل و المنقول، بل ضرورة المذهب، و الأخبار التي كادت تكون متواترة، فوجب حينئذٍ:
[إمّا] طرحهما. أو تأويلهما بما لا ينافي المقصود- و إن بَعُد- بحمل نفي البأس في الاولى على إرادة عدم نقض التيمّم به و إن كان محكوماً بنجاسته.
و أولى منه حملها [9] [الاولى] على التقيّة، و يؤيّده أنّها مروية عن الكاظم (عليه السلام) و قد كانت التقيّة في زمانه في غاية الشدّة.
و بحمل الثانية على إرادة مسح غير المحلّ النجس حتى يتخلّص عن البلل الخارج منه؛ إذ قد يكون ذلك من الريق الذي جعله، فلا يتنجّس به، أو غير ذلك. و قد تفرّد الكاشاني بشيء خالف به إجماع الفرقة الناجية، بل إجماع المسلمين، بل الضرورة من الدين، مستنداً إلى هاتين الروايتين و نحوهما، و هو أنّ المتنجّس لا ينجّس، بل الذي ينجّس إنّما هو عين النجاسة، فمتى زالت بحجر أو خرقة أو نحو ذلك لم ينجّس محلّها شيئاً [10]. و هو بالإعراض عنه حقيق، و لا يليق بالفقيه التصدّي لردّ مثل ذلك بعد ما عرفت أنّه مخالف لإجماع المسلمين و ضرورة الدين.