(1) و هي [الرواية] و إن كان لا تعرّض فيها لغسل النفاس إلّا أنّ الإجماع على مشاركة النفاس للحيض كافٍ في ذلك، بل ادّعى بعضهم [1] في خصوص المقام أنّ كلّ من قال بوجوب غسل الحيض للصوم قال به بالنسبة إلى غسل النفاس.
نعم، ظاهر الرواية مختصّ في شهر رمضان، و ربّما يلحق به قضاؤه، و لذا اقتصر عليهما جماعة من المتأخرين، كما نقل عنهم [2] ذلك أيضاً بالنسبة إلى غسل الجنابة.
لكنّه لعلّه مخالف للمشهور، بل الإجماع كما قيل 3؛ إذ الأصحاب بين القول باشتراط مطلق الصوم- واجباً كان أو مندوباً- بارتفاع هذا الحدث، كما لعلّه الظاهر من ملاحظة كلامهم في الصوم، و بين القول باشتراطه في خصوص الصوم الواجب مطلقاً مع قطع النظر عن غيره، فخصوص الواجب حينئذٍ متيقّن من غير تفصيل في أفراده. و يأتي تمام الكلام فيه في كتاب الصوم إن شاء اللّٰه تعالى.
(2) و كيف كان، فظاهر المصنّف (رحمه الله) و القواعد [4] و عن التذكرة و نهاية الإحكام [5] و جماعة من متأخّري المتأخّرين اختصاص وجوب الغسل للصوم في آخر الوقت. و ظاهرهم أنّه متى قدّم الغسل على ذلك نوى الندب.
و علّل بعدم تعقّل وجوب الشرط قبل وجوب المشروط، إلّا أنّه نزّل ضيق الوقت بمنزلة دخوله، و يقرب منه غيره.
قلت: و حاصل الإشكال في المقام: أنّه لا إشكال في وجوب الغسل للصوم مقدّماً عليه، مع أنّه لا وجه لوجوب مقدّمة الواجب قبل وجوب ذي المقدّمة، و كيف؟ مع استفادة وجوبها من وجوبه! فمن هنا احتاجوا إلى ما سمعت من التعليلات الضعيفة التي لا تدفع ضيماً بالنسبة إلى ذلك؛ إذ ضيق الوقت لا يحقّق وجوب الصوم قبل وقته، و هو الذي يجدي في وجوبها.
و دعوى استفادة ذلك من شرطية الصوم به و إن لم يتحقّق وجوب الصوم فعلًا، لا تقصر الوجوب عند الضيق، بل مقتضاها الوجوب قبله أيضاً.
و لذلك ارتكب بعضهم كالعلّامة [6] القول بالوجوب النفسي في التفصّي عن ذلك. و هو غير مجدٍ أيضاً، إذ لا يليق به مع ذلك إنكار الوجوب الغيري المعلوم ثبوته؛ ضرورة توقّف صحّة الصوم عليه. و أقصى القول بالوجوب النفسي: أنّه إثبات له مع الوجوب الغيري، و الإشكال إنّما جاء من جهته لكونه مستلزماً إمّا إنكار مقدّميته أو إنكار وجوب مقدّمة الواجب، و هما معاً باطلان.